الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في جناية أم الولد

                                                                                                                                                                                        اختلف في جناية أم الولد إذا قتلت خطأ، فقال مالك: يجبر سيدها على أن يفتديها بالأقل من القيمة أو من الدية أو قيمتها يوم الحكم .

                                                                                                                                                                                        وقال المغيرة بالأقل من الجناية أو قيمتها يوم جنت ، وقال ابن الجهم: قال محمد بن عبد الحكم: لا شيء على سيدها وذلك في ذمتها وإذا جنت قال ابن الجهم: السيد بالخيار إن شاء أسلم الجناية، أو يسلم ما بقي له فيها من الخدمة فيستخدمها أو يؤاجرها، قال: ولا يلحقه من جنايتها أكثر مما يملك منها وإن وفت رجعت إلى [ ص: 6327 ] سيدها وإن لم توف حتى مات أعتقت واتبعت بالباقي في ذمتها . وهذا أبينها; لأن للسيد فيها شيئين: متعة لا تتعلق بها جناية ولا يصح إسلامه لها وهي فيه كالزوجة، وخدمة تتعلق بها الجناية كالمدبرة فيها عتق، وخدمة، ووطء.

                                                                                                                                                                                        وعقد الحرية في أم الولد آكد، فإذا لم يكن عليه في المدبرة أن يسلم قيمة الرقبة لم يكن ذلك عليه في أم الولد، فإذا جنت فلم يفتدها حتى جنت ثم قام المجني عليهم جميعا كان عليه في أم الولد على قول مالك الأقل من قيمتها أو الجنايتين وإن أسلم القيمة; لأنها أقل تحاصا فيها على قدر الجنايتين.

                                                                                                                                                                                        وكان بعض شيوخنا يقول: إذا كانت قيمتها مثل أقل الجنايتين أنها تكون بينهما بالسواء ; لأنه لو انفرد أحدهما لكان له جميعها فلا يتزيد الأكثر عليها بخلاف المفلس. . . . . . . . . . . . . . [ ص: 6328 ]

                                                                                                                                                                                        يتحاصان فيما وجد له، وإن كان أقل الديتين يستغرق ما يوجد له وإنه لو انفرد به أحدهما كان له; لأن هذه معاملات تكثر ما في يده وتقل لأجل ما كان سلمه كل واحد ولأن للغريم ذمة تتبع بقدر ذلك، وإن كان قيام المجني عليهما مختلفا و كانت الجنايتان سواء، كان لمن قام أولا الأقل من جنايته أو نصف قيمتها يوم الحكم ، ثم إذا قام الآخر كان له الأقل من جنايته أو نصف قيمتها يوم الحكم له وإن قام الأول ولم يعلم بالثاني فافتدى منه السيد، ثم قام الثاني نظر إلى ما كان ينوب الأول من الحصاص لو علم بالثاني أو يذكر له وانتزع منه السيد [ ص: 6329 ] الفضل ثم دفع إلى الثاني الأقل من جنايته أو نصف قيمتها اليوم، وإن علم بالجنايتين وافتدى من الأول ولم يفتد من الثاني حتى جنت على ثالث- كانت الجناية الثالثة مفضوضة على نصف لا جناية فيه وعلى نصف فيه جناية.

                                                                                                                                                                                        وإذا جنت أم الولد فلم يقم على سيدها حتى ماتت لم يكن عليه شيء; لأنه إنما يفتديها بقيمتها يوم يقوم عليه المجني عليه ، فإذا لم تكن موجودة يوم تقوم عليه لم يكن عليه شيء .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا مات السيد قبل أن تقوم عليه والأمة حية فقال مالك: لا شيء عليه إذا لم يكن له مال. وعلى قوله إذا خلف مالا أخذ من ذلك المال القيمة. وقال غيره: إنما ذلك إذا قاموا عليه وهو حي وإلا فلا شيء لهم; لأنه إنما يكون ذلك على السيد يوم يقام عليه وهي عنده، وإذا قاموا عليه وقد ماتت لم يكن ذلك عليه ، وذلك عليها هي إذا قاموا بعد موته . [ ص: 6330 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه -: واختلف أيضا في الأمة تستحق بعد أن ولدت من سيدها بعد موته فقيل: تؤخذ قيمة الولد من تركته إن كان موسرا، وإن كان معسرا غرم ذلك الولد . وقيل: لا شيء على الولد إن كان معسرا . [ ص: 6331 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية