الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: يأمر الإمام الناس قبل صلاة الاستسقاء بالتوبة

                                                                                                                                                                                        وينبغي للإمام أن يأمر الناس قبل الاستسقاء بالتوبة، وبالخروج من المظالم إلى أهلها، وأن يتقربوا إلى الله سبحانه بالصدقة. [ ص: 622 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف: هل يؤمرون بالصوم؟ فقال مالك مرة: ما علمت أنه يصام قبل الاستسقاء، وأنكر ذلك، وقال أيضا: إنه يصام، واستحب عبد الملك بن حبيب أن يقدموا صوم ثلاثة أيام، آخرها اليوم الذي يستسقون فيه، وهو أحسن، ولا فرق بين الصوم في ذلك والصدقة، وكلما كثر من القرب كان أرجى لما يراد من إدراك تلك الحاجة، وقد استحب العتاقة عند الكسوف وكذلك هذا.

                                                                                                                                                                                        ويخرج الناس مشاة متواضعين في ثياب تواضع وعلى حال استكانة، وجلين، بخلاف يوم العيد; لأن ذلك يوم سرور وزينة، ويخرج الإمام على مثل ذلك، فيصلي بهم ركعتين، ويخطب خطبتين، ويقرأ في الركعتين بسورتين من قصار المفصل جهرا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في تقدمة الخطبة على الصلاة، فقدم في المدونة الصلاة على الخطبة، وقال أشهب في مدونته: اختلف الناس في ذلك، واختلف فيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واختلف فيه قول مالك، فكان من قوله الأول أن الخطبة قبل الصلاة كالجمعة، ثم رجع إلى أنها بعد كالعيدين. [ ص: 623 ]

                                                                                                                                                                                        ويخطب مستقبل الناس بوجهه مستدبر القبلة، ثم يحول وجهه، ويستسقي مستقبل القبلة مستدبر الناس، والخطبة مقدمة على الاستسقاء، ويجري في الخطبة على العادة، وأنه يعظهم ويذكرهم، ويعلمهم أن ذلك بما كسبت أيديهم، ولا يدعو يومئذ للأمير، فليس هو يوم ذلك، ويخلص الأمر لله سبحانه، وينبغي إذا أخذ في الدعاء للاستسقاء أن يكثر من الاستغفار، ويقلب الإمام رداءه فيجعل ما يلي الجسد إلى السماء، فيصير ما على اليمين على اليسار وما على اليسار على اليمين، فإذا فرغ من الاستسقاء قال مالك: ثم ينزل فينصرف وقيل: إن شاء انصرف على ذلك، وإن شاء تحول إليهم فكلمهم بكلمات ورغبهم في الصدقة والتقرب إلى الله سبحانه ثم ينصرف.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية