فصل [حالات المرضع]
فإن كان الرضاع غير مضر بها ولا بولدها، أو كان مضرا بها وهناك مال يستأجر به للابن أو للأب أو للأم، والولد يقبل غيرها لزمها الصوم. وإن كان مضرا بها تخاف على نفسها أو على ولدها والولد لا يقبل غيرها، أو يقبل غيرها ولا يوجد من يستأجر له، أو يوجد وليس هناك مال يستأجر منه لزمها الإفطار. وإن كان يجهدها الصوم ولا تخاف على نفسها ولا على ولدها والولد لا يقبل غيرها كانت بالخيار بين الصوم والإفطار. وللمرضع ثماني حالات; يلزمها الصوم في أربع، ويلزمها الإفطار في ثلاث، وهي بالخيار في الثامنة.
وإذا كان الحكم الإجارة له فإنه يبتدأ بمال الولد، فإن لم يكن له مال فمال الأب، فإن لم يكن له مال فمال الأم، وإنما كانت البداية بمال الولد; لأن الرضاع مكان الإطعام، فإذا سقط الرضاع عن الأم لمانع أقيم له ذلك من ماله كطعامه، ثم مال الأب; لأن نفقته عليه عند عدم مال الابن، وكان على الأم عند عدمها; لأنها قادرة على صيانة صيامها بشيء تبذله من مالها، إلا أن تكون الإجارة مما يجحف بها، ومتى أفطرت بشيء من هذه الوجوه التي ذكرناها كان القضاء واجبا.
واختلف في الإطعام فقال في المدونة: تطعم، وفي مختصر ابن عبد [ ص: 759 ] الحكم: لا إطعام عليها، وهو أحسن قياسا على المريض والمسافر.
وكل واحدة ممن أبيح لها الفطر من حامل أو مرضع أعذر من المسافر، وإنما ترجح مالك في الإطعام مراعاة لقول من قال: إن المراد بقول الله سبحانه: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين [البقرة: 184] إنها في الحامل والمرضع إذا لم يصوما، وقد اختلف في الصحيح؛ لأن الآية نزلت في الناس عامة فكانوا بالخيار بين الصوم أو الإفطار والإطعام، وأن الآية نزلت في ذلك ثم نسخت بقوله تعالى: فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهو الصحيح، ولو كانت الآية نزلت في الحامل والمرضع لكانت التلاوة وعلى اللاتي يطقنه، وفي قوله -عز وجل-: وأن تصوموا خير لكم الخطاب بلفظ التذكير أيضا، ولأن الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما لم يجز لهما صيام معه، وذلك خلاف النص في قوله سبحانه: وأن تصوموا خير لكم .
[ ص: 760 ]