الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل: يستحب تعجيل الفطر وتأخير السحور

                                                                                                                                                                                        يستحب تعجيل الفطر وتأخير السحور; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" أخرجه مسلم، وقوله: "تسحروا فإن في السحور [ ص: 779 ] بركة" أخرجه البخاري ومسلم.

                                                                                                                                                                                        والسحور: الأكل عند السحر، ولا خلاف أن السحور مستحب غير واجب.

                                                                                                                                                                                        واختلف في تعجيل الفطر، وفي الإمساك بعد الغروب بنية الصوم، فقيل: الإمساك غير جائز، وهو بمنزلة الإمساك يوم الفطر أو يوم النحر، وقيل: ذلك جائز، وله أجر الصائم، وروي ذلك عن ابن الزبير، وابن عمر: أنهما كانا يواصلان، وعن عامر بن الزبير: أنه كان يواصل ليلة سبع، وليلة سبع عشرة، وليلة سبع وعشرين، وقال أحمد وإسحاق: لا بأس بالوصال إلى السحر.

                                                                                                                                                                                        واحتج من منع بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أقبل الليل من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم" أي: صار مفطرا، وبنهيه عن الوصال. واحتج من أباح ذلك أن النهي عن الوصال على وجه الرفق بأمته; لأنه -صلى الله عليه وسلم- واصل وواصل بهم، فلو كان الوصال محرما لم يصح أن يفعله، ولا أن يحملهم عليه إذا كان ذلك معصية، ويعاقب من خالف نهيه من غير أن يدخلهم فيه، [ ص: 780 ] قالت عائشة -رضي الله عنها-: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الوصال رحمة لهم...". وروي عنه في البخاري أنه قال: "لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر..."، فالوصال إلى السحر جائز مباح بهذا الحديث، وإلى الليلة القابلة مكروه غير محرم; لحديث عائشة -رضي الله عنها- وبمواصلته بمن واصل من أصحابه، ثم قال: "لو مد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم..." وهذا يفهم منه الكراهية لا التحريم. [ ص: 781 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية