الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل في المباشرة والملامسة [والقبلة]

                                                                                                                                                                                        المباشرة والملامسة والقبلة على خمسة أوجه :

                                                                                                                                                                                        فإن قصد اللذة ووجدها توضأ، وكذلك إذا كان ذلك عن غير قصد ووجد اللذة، وإن قصد اللذة ولم يجدها، أو لم يقصد ولم يجد لم يتوضأ، وفي هذين اختلاف.

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا وجد اللذة على حائل ثوب أو غيره، فقال مالك في " المجموعة" : ليس في قبلة أحد الزوجين للآخر بغير شهوة وضوء في مرض أو غيره.

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا فيمن قبلته زوجته وهو يدفعها عن نفسه ويكره ذلك، ولم يجد اللذة فعليه الوضوء .

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا في قبلة أحد الزوجين الآخر على الفم لشهوة: عليها الوضوء، وكذلك أيضا إذا أكرهها على الفم لشهوة، وإن قبلها على غير الفم لشهوة فلا وضوء عليها، ولا فرق بين الموضعين الفم وغيره إذا لم تكن لذة، والوضوء موكول إلى أمانة الإنسان، فمن علم من نفسه أنه لم يلتذ فلا شيء عليه. [ ص: 88 ]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في كتاب محمد في مريض ناقه لا يجد اللذة للنساء ولا ينشط، فأراد أن يجرب نفسه، فوضع يده على امرأته ينظر هل يتحرك منه شيء فلم يجد لذة، فإنه يتوضأ لأنه للذة وضعها . وهذا يصح على القول أن الوضوء ينتقض بالنية; لأنه نوى نقض الطهارة.

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف في ذلك، والصواب في هذا أن يبقى على طهارته; لأنه إنما نوى اختبار شيء هل يكون أو لا، فليس كالعازم على رفض الطهارة جملة، وأرى ألا تنتقض الطهارة مع عدم اللذة لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: " كنت أنام بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتها. قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح" .

                                                                                                                                                                                        وفي الترمذي: قالت عائشة - رضي الله عنها -: " ربما اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة ثم جاء فاستدفأ بي فضممته إلي" . [ ص: 89 ]

                                                                                                                                                                                        والحكم في اللمس والمباشرة على مثل ذلك، إن وجدت اللذة توضأ وإن عدمت فلا وضوء عليه .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في " المدونة" : إذا مس امرأته من فوق الثوب للذة فعليه الوضوء ، وروي عنه أنه قال: إن كان خفيفا فعليه الوضوء وإن كان كثيفا لا يصل جسه إلى جسمها فلا شيء عليه .

                                                                                                                                                                                        وهذا أحسن إذا كان مرور اليدين، فأما إذا ضمها، فالكثيف وغيره سواء.

                                                                                                                                                                                        وقال في " المدونة" في المرأة تمس ذكر الرجل فعليها الوضوء إلا أن يكون ذلك لمرض أو نحوه فلا شيء عليها .

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن يمس شعر امرأته تلذذا فعليه الوضوء، إلا أن يكون ذلك لمرض أو نحوه فلا شيء عليه، وقال أيضا: ما علمت من يمس شعر زوجته تلذذا .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية