الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب هل تجب زكاة الثمار بالطيب ، أو باليبس أو بالجداد ؟

                                                                                                                                                                                        الزكاة تجب عند مالك بالطيب ، فإذا أزهى النخل وطاب الكرم وحل بيعه ، أو أفرك الزرع واستغنى عن الماء ، واسود الزيتون أو قارب الاسوداد ، وجبت الزكاة فيه . وقال المغيرة : تجب بالخرص ، ورأى أن المصدق في ذلك كالساعي في الغنم . وقال محمد بن مسلمة : تجب بالجداد .

                                                                                                                                                                                        وفائدة ذلك إذا مات المالك فعلى قول مالك : إذا مات بعد الطيب تزكى على ملكه ؛ لأنه مات بعد ما وجبت فيها الزكاة ، فإن كان في جميعها خمسة أوسق ولم يصر لكل وارث إلا وسق أخرجت منها الزكاة .

                                                                                                                                                                                        وقال المغيرة : تجب بالخرص ، فإن خرص عليه قبل موته فذلك ثابت على ورثته ، يخرجون ذلك ثم يرثون ما بعده . وإن مات قبل أن يخرص عليه ، فإنما يخرص على ورثته ، فمن صار له خمسة أوسق زكاه .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن مسلمة في المبسوط : إنما تجب بعد الجذاذ ، وبعد الحصاد ، وإنما قدم الخرص توسعة على أصحاب الثمار ، ولو قدم رجل زكاته بعد [ ص: 1096 ] الخرص قبل الجداد لم يجزئه ؛ لأنه أخرجها قبل وجوبها ؛ كزكاة الفطر إذا أخرجها قبل طلوع الفجر . انتهى قوله . وقد قال مالك مرة : يترك الخارص لأصحاب الثمار لمكان ما يأكلون ويعرون ، وهذا مثل قول المغيرة : إنها لا تجب بالطيب ، فلا يحسب عليهم ما خرج منها قبل اليبس بأكل أو بعارية . وتكون فائدة الخرص على هذا خيفة أن يكتم منها بعد اليبس أو بعد الجذاذ ؛ لقول الله سبحانه : وآتوا حقه يوم حصاده [الأنعام : 141] ، فالوقت الذي يجب فيه هو الوقت الذي يجب فيه إخراجه . قال : وجعل وقتها ذلك لا تؤخر عنه ولا تقدم قبله .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية