باب في زكاة الثمار المحبسة والماشية والعين
قال : تؤدى مالك ، وعلى قوم بأعيانهم ، أو بغير أعيانهم ، وعن الإبل المحبسة في سبيل الله يحمل عليها أو على نسلها ، وعن الدنانير المحبسة في سبيل الله لتسلف ، وما كان ليفرق من الدنانير والإبل والبقر والغنم ، فحال عليها الحول قبل أن تفرق ، لم تؤخذ منها زكاة . الزكاة عن الحوائط المحبسة في سبيل الله
قال الشيخ - رضي الله عنه - : أما الحوائط فتؤخذ منها الزكاة . ويفترق الجواب في النصاب ، فإن كان الحبس على قوم بأعيانهم ، وكانوا هم يسقون ويلون ذلك ، نظر إلى ما ينوب كل واحد منهم ، فمن بلغ نصيبه خمسة أوسق زكاه ، ومن كان نصيبه دون ذلك لم يزكه ؛ لأنها طابت على أملاكهم ، وسواء كان الحبس شائعا أو لكل واحد منهم نخل بعينها . فإن كان ربها يسقي ويلي النظر لها ، ويقسم الثمرة ، زكيت إذا كان في جملتها خمسة أوسق ، وإن كانت دون ذلك وكان لصاحب الحبس نخل لم يحبسها ؛ فإذا أضافها إلى الحبس بلغت خمسة أوسق زكيت بجميعها ، وإن كانت حبسا على غير معينين ، أو في سبيل الله زكيت إذا كان في جميعها خمسة أوسق . [ ص: 1099 ]
وإن كان الحبس على مسجد أو مساجد زكيت على ملك المحبس ، فإن كان في جملتها خمسة أوسق زكيت ، وإن لم ينب كل مسجد إلا وسق وإن مات المحبس زكيت على ملكه لو كان حيا ، وعلى هذا المذهب : أنها تزكى على ملك المحبس . وقال طاوس ومكحول فيما حبس على المساكن : لا زكاة فيه ، وهذا هو القياس ؛ لأنه إن قدر أنه باق على ملك المحبس لم تجب فيه زكاة ؛ لأن الميت غير مخاطب بزكاة ، وإن حمل على أن ملكه سقط عنه لم تجب فيه زكاة أيضا ؛ لأن المساجد غير مخاطبة بالزكاة ، وحوزها للمسجد كحوزها للعبد إذا كان صغيرا ، أو حوز العبد لنفسه إذا كان كبيرا ؛ وإنما استسلم مالك في هذا للعمل ، ليس لأنه القياس .
وأما إذا أسلفت وصارت دينا حتى تقبض ؛ فإذا قبض منها نصاب زكي ، وسواء كان الحبس على معينين أو مجهولين ، وإذا كانت في ذمة المتسلف زكى عنها من هي في ذمته ، إذا كان له ما يوفي بها كسائر الديون ، وإن قبضت زكيت على ملك المحبس لعام واحد . الدراهم تحبس لتسلف ، فإنها لا تزكى
زكي جميعها على ملك المحبس إذا كان في جميعها نصاب ، وسواء كان الحبس على مجهولين أو معينين ، فإن حبس أربعين شاة على أربعة نفر ، لكل واحد منهم عشرة بأعيانها ، زكيت لأنه إنما أعطى المنافع ، والرقاب باقية على ملكه ، وهذا بخلاف حبس النخل ؛ لأن النخل لا زكاة في رقابها ، وإنما الزكاة في الثمار وهي المعطاة ؛ فيصح أن تزكى على ملكهم ، والغنم غير معطاة فزكيت على ملك المحبس ، وإن [ ص: 1100 ] حبسها ليؤخذ نسلها كانت الزكاة في الأمهات على المحبس ، ثم ينظر في الأولاد فإن كان الحبس على معينين لم تزك الأولاد مع الأمهات ؛ لأن الولادة على ثلاثة وجوه : وإن كان الحبس إبلا أو غنما لينتفع بألبانها وأصوافها
إما أن يكون قبل تمام الحول ، فقد خرجت عن ملك صاحبها قبل الحول ، فلم يصح أن تضم إلى الأمهات ، أو بعد تمام الحول وقبل مجيء الساعي ، فهي في معنى ما لم يحل عليه الحول ؛ لأنه لو باعها حينئذ لم تجب فيها زكاة الماشية ، وإن أتى الساعي وهي حوامل فولدت بعد ذلك فهي محسوبة من العام الثاني ، وقد خرجت عن ملكه بالعطية ، فلا زكاة فيها إلا على من صار له من المعينين نصاب ، وحال عليه الحول من يوم الولادة .
وإن كان الحبس على مجهولين لم تجب فيها زكاة على قول ابن القاسم ، فإن جعل شيئا من ذلك في سبيل الله ليفرق وليس حبسا فلم يفرق حتى حال عليه الحول ، فإن كانت دنانير لم تجب فيها زكاة ، واختلف في الماشية فقال : لا زكاة فيها . وقال ابن القاسم محمد : فيها الزكاة ، قال : وكذلك النخل ، وفرق بينها وبين العين ؛ لأن النماء في هذه موجود في حال الوقف بخلاف الدنانير . [ ص: 1101 ]