الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل التلبية

                                                                                                                                                                                        التلبية عند الإحرام فمن كان راكبا ، فإذا استوت راحلته وكان توجهه بفور الركوب- لبى ، ومن كان راجلا ، فإذا توجه للذهاب .

                                                                                                                                                                                        وترفع الأصوات بالتلبية لحديث السائب - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أمرني جبريل أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية" .

                                                                                                                                                                                        قال مالك : ولا أعرف هذا الذي يعقر حلقه . وأما المرأة فتسمع نفسها .

                                                                                                                                                                                        وتستحب التلبية على كل شرف من الأرض ، وفي بطون الأودية ، ودبر كل صلاة ؛ فرضا أو نفلا .

                                                                                                                                                                                        ولا بأس بذلك في المساجد التي بين مكة والمدينة ؛ لأنها ليست بمعمورة .

                                                                                                                                                                                        ولا بأس بذلك في المسجد الحرام ومسجد منى ؛ لأنهما مواضع للحج ، وذلك الشأن فيهما ، ولا يرفع في غيرها من المساجد .

                                                                                                                                                                                        قيل لمالك في الملبي الذي لا يسكت ، قال : لا ينبغي ذلك . قد جعل الله لكل شيء قدرا [الطلاق : 3] . [ ص: 1140 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف في منتهى التلبية إذا كان قاصدا لمكة ، فقال في المدونة : إذا كان محرما بالحج لبى حتى يأخذ في الطواف . وإن كان في عمرة قطع إذا دخل أوائل الحرم ، إلا أن يكون إحرامه من التنعيم أو الجعرانة ، فيقطع إذا دخل مكة أو المسجد ، وذلك واسع .

                                                                                                                                                                                        ورد محمد الحاج إلى المعتمر ، فقال : إذا دخل الحرم كف عن التلبية ، وسواء كان حاجا أو معتمرا أو قارنا ، ورد مالك في المختصر المعتمر إلى الحاج . وقال : إن لبى حتى يدخل المسجد فواسع .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ - رضي الله عنه - : لا فرق في ذلك بين الحج والعمرة ، وينبغي أن يلبي حتى يتلبس بما أجاب إليه ؛ لأن التلبية إجابة بما دعي إليه ، وقد سلموا أنه لا يجتزئ بذلك عند الميقات ويسكت . وإذا كان ذلك أمر المعتمر أن يكون على تلبية حتى يأخذ في الطواف ، كما أمر من كان في حج أن يكون في تلبيته حتى يتلبس بما أجاب إليه ، وهو الوقوف على المستحسن من المذهب .

                                                                                                                                                                                        ومن نسي التلبية حتى فرغ من حجه إلى عمرته كان عليه الهدي .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا ابتدأ بالتلبية ثم قطع ، هل يكون عليه دم أو لا . فإن تمادى بعد أن ابتدأ بالتلبية على التهليل والتكبير أجزأه ، ولم يهد . [ ص: 1141 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية