فصل [فيمن حج عن غيره]
على أربعة أوجه : تطوعا ، وعلى الإجارة ، وعلى البلاغ في الثمن تكون أجرته نفقته ، وعلى البلاغ في الحج إن وفى بالحج أخذ العوض ، وإلا فلا شيء له ، وقد تقدم ذكر التطوع . حج الإنسان عن غيره
وتكره الإجارة في الجملة ، قال مالك في كتاب محمد : الرجل لو آجر نفسه في سوق الإبل وحمل اللبن لكان أحب إلي من أن يعمل عملا لله سبحانه وتعالى بالإجارة .
قال : وإن آجر نفسه ثم أراد نقض الإجارة لما بلغه ألا يحج أحد عن أحد لم يكن له ذلك ، وإن كانت الإجارة بنفقته جاز ، وينبغي أن يبينها [ ص: 1264 ] قبل العقد ، فإن لم يفعل مضى ، وينفق نفقة مثله . قال ابن القاسم محمد : ينفق ما لا بد منه مثل الكعك والزيت والخل واللحم المرة بعد المرة والثياب والوطاء واللحاف ، فإن رجع رد ما فضل . قال : وإنا لنكره ذلك . يريد : إلا بشيء معلوم .
والإجارة من بلد الموصي إن أوصى به منه ثم مات به . قال : ويحرم من ميقات الميت وإن لم يشترط ذلك عليه . وقال ابن القاسم في كتاب أشهب محمد : يحج عنه من الموضع الذي أوصى . يريد : إن كان بغير بلده .
قال محمد بن عبد الحكم : إن كان من أهل مصر فمات بخراسان وأوصى بالحج حج عنه من خراسان . وهو أحسن ، وإنما يحج من بلد الميت إذا مات به ، إلا ألا يجد من يستأجر لتلك الوصية من موضع وصى به .
وفي السليمانية قال : لا ينبغي لمن أجر لحج أن يركب من الدواب والجمال إلا ما كان الميت يركبه ؛ لأنه كذلك أراد أن يوصي ، ولا يقضي به دينه ويسأل الناس ، وهذه خيانة ، وإنما أراد الميت أن يحج عنه بماله ، والعادة اليوم خلاف ذلك ، وأنه يصنع به ما أحب ، ويحج ماشيا وكيف تيسر .
وقال في كتاب مالك محمد فيمن أوصى أن يمشى عنه : لا يمشي عنه ويهدي عنه هديين ، فإن لم يجد فواحد يجزئه ، قيل : فإن وعده ابنه بذلك ، قال : أحب له أن يفعل ، وقال : ينظر إلى ما يكري به والنفقة إلى ابن القاسم مكة فيهدي عنه به هديا . [ ص: 1265 ]