الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل في ذبح المحرم للصيد

                                                                                                                                                                                        لحم الصيد على المحرم على ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                        حرام ، وهو : ما ذبحه المحرم ، أو قتله باصطياد .

                                                                                                                                                                                        وحلال ، وهو : ما ذبحه الحلال لنفسه ، أو لغيره ممن هو حلال ، فهو حلال للمحرم . وكذلك ما صاده المحرم وذبحه له قبل أن يحرم ، ثم أحرم من ذبح له فهو ذكي ؛ يجوز أكله للمحرم ، كان من ذبح له أو غيره .

                                                                                                                                                                                        والثالث : ما صيد للمحرم بعد إحرامه ، أو صيد قبل وذبح له بعد ، فإن كان صيده أو ذبحه بأمره ؛ لم يحل كله بحال ، وهو غير ذكي ، وعلى الآمر جزاؤه ؛ لأن [ ص: 1314 ] إراقة دمه كان بأمره . واختلف إذا لم يكن بأمره ، فذهب عثمان - رضي الله عنه - إلى أنه ذكي ، ويجوز أكله للحلال ولغير من ذبح له من المحرمين ، وقال لأصحابه : كلوا ، فإنما صيد من أجلي . وقد يكون ذلك منه على وجه الاستحسان في امتناعه ؛ حماية لئلا يتذرع المحرم للاصطياد ؛ لأنه لا يكون ذكيا غير ذكي .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك وغيره من أصحابه : ليس بذكي ، ولا يأكله حلال ولا حرام .

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول بمنع الأكل منه : إن أكل منه من ذبح من أجله على ثلاثة أقوال : فقيل عليه جزاؤه . وقيل : لا شيء عليه . وقيل : إن علم فعليه الجزاء ، وإلا فلا .

                                                                                                                                                                                        وإن أكل منه محرم غير من ذبح من أجله ، وهو لا يعلم ، فلا شيء عليه .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا علم هل عليه جزاؤه ؟ وألا جزاء في ذلك كله أحسن ؛ لأن الجزاء إنما يتعلق بإتلاف نفس الصيد وإراقة دمه ، وقد كان الاصطياد والذبح ، لم يلزم صائده ولا ذابحه جزاء ، وإن كان ذلك لم يلزم بالأكل . وإن أشرك بالنية فذبح لنفسه وللمحرمين فهو أخف . ويجوز أكله للحلال والحرام ؛ لحديث أبي قتادة إلا أن يكون ذبحه لنفسه في معنى التبع ، ولولا من معه لم يذبحه . [ ص: 1315 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية