الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في قسمة الغنائم في أرض الحرب وفي صفة القسم

                                                                                                                                                                                        ومن حق الجيش أن تقسم غنائمهم بينهم ، ولا تؤخر إلى أرض الإسلام . إلا أن يخاف عليهم متى تشاغلوا بقسمتها أن يعطف عليهم العدو ، فيؤخر إلى موضع يأمنون فيه من طرف أرض العدو أو لبعض بلد الإسلام .

                                                                                                                                                                                        وإن غنمت سرية خرجت من أرض الإسلام ؛ قسمت بأرض الحرب إن أمنت ، أو تؤخر إلى موضع تأمن فيه .

                                                                                                                                                                                        وإن خرجت السرية من جيش لم تقسم ، وإن أمنت حتى تبلغ الجيش ؛ لأنهم شركاء لهم .

                                                                                                                                                                                        قال عبد الملك : إلا أن يخشى ضيعة ذلك لمبادرتهم الانصراف بالتخفيف ، وطرح الثقل والتعب على غيرهم ، ولعل غيرهم يأبى ذلك ، ويتماحكوا ، وتقل طاعتهم لصاحب السرية ، فيبلغ ذلك إليهم المشترون بما صار لهم .

                                                                                                                                                                                        يريد : أنهم يتماحكون عليه لما كان فيه شرك لغيرهم ، وقد يصير لأحدهم مع جماعة الجيش الشيء اليسير ، فلا يتكلف التعب الكثير ، فإن صار [ ص: 1367 ] له بالشراء تكلفه .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد في قسم الغنائم : يقسم كل صنف خمسة أسهم ، ويقسم الرقيق كذلك وصيف وصيف ، يعدون خمسه ، فإذا فرغ الوصفاء فعلوا بالنساء المشتبهات بعضها ببعض كذلك ، ثم الرجال كذلك ، ثم يكتب على أحدهم لله ولرسوله ، أو للخمس ، فحيثما وقع سهم الخمس كان له ، ثم يبيع السلطان الأربعة الأخماس ، ويتوثق لهم ، وربما بيع الجميع بالخمس .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله- : قسم الغنائم يجوز على صفة ما ذكر في المدونة في كتاب القسم في العبيد والخيل والثياب والأمتعة .

                                                                                                                                                                                        وقول محمد ها هنا أنه يجعل الوصفان بانفرادهم ، والنساء كذلك حسن مع كثرة الغنيمة ، واتساع ذلك ، فإن ضاق الأمر ؛ جمع العبيد الذكران والإناث ، والصغار والكبار ، وقسموا قسما واحدا .

                                                                                                                                                                                        واختلف في المتاع ، فقيل : يجمع في القسم ابتداء .

                                                                                                                                                                                        وقيل : إن حمل كل صنف القسم بانفراده لم يجمع ، وإلا جمع .

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن ، وأقل غررا إذا كان متسعا ، وقدر على أن يجمع كل صنف بانفراده .

                                                                                                                                                                                        وما غلب المسلمون على نقله من حيوان أو متاع مذكور فيما بعد إن شاء الله . [ ص: 1368 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية