الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الديوان والجعائل

                                                                                                                                                                                        ويستحب لمن أراد الغزو ألا يأخذ عليه أجرا ، ويجعله لله خالصا . وإن أحب أن يكتتب في ديوان الجند والعطاء لم يمنع إذا كان العطاء من حيث يجوز .

                                                                                                                                                                                        وإذا كتب الأمير بعثا ليخرج فيه جندا معلوما أو أهل ثغر ، فأراد أحد ممن أمر بالخروج أن يجعل جعلا لمن يخرج مكانه فلا بأس به إذا كان الثاني من أهل الديوان ، وإن لم يكن كره أن يسفك دمه لمال يأخذه ، فإن فعل وخرج كان له ذلك المال .

                                                                                                                                                                                        ولا يخرج أحد مكان أحد إلا بعد علم الأمير بالخروج وإذنه ، فقد يكون الأول أنجد ، وإن كان الثاني أنجد وهو من أهل الديوان فيستأذنه أيضا ؛ فقد يرى الباعث إبقاءه أولى لأمر يحتاجه له ، وإن لم يكن من أهل الديوان أعلمه حماية ؛ لئلا يخرج أمر الجيش عن تدبيره ورأيه .

                                                                                                                                                                                        وإن أراد رجلان أن يتطاويا وهما من ماحوزين ، فيرجع كل واحد منهما إلى ماحوز الآخر فلا بأس بذلك إذا رأى ذلك عرفاؤهما .

                                                                                                                                                                                        وإن تنازع رجلان من أهل الديوان في اسم ، وأشكل أمرهما لاتفاقهما في الأسماء والآباء ، وقال كل واحد : أنا ذلك الرجل فإنه لا يخلو اختلافهما أن [ ص: 1446 ] يكون رأس الحول عند العطاء أو قبله ، أو عند بعث ذلك الجيش .

                                                                                                                                                                                        فإن كان عند رأس الحول تحالفا واقتسما ذلك العطاء ، وإن نكل أحدهما كان للحالف ، ثم ينظر الأمير ، فإن رأى أن يثبتهما أثبتهما ، وفرق بينهما بزيادة حلية ، أو صناعة ، أو جد .

                                                                                                                                                                                        وإن رأى أن يثبت أحدهما فعل ذلك به ، وكذلك إن تنازعا عند خروج بعث تلك العرافة ، وأخرج لهم حينئذ العطاء ، إلا أن يرى الأمير أن يبعث أحدهما ، وإن لم يكن الثاني من تلك العرافة أخرجه ، وجعل العطاء للآخر ، إلا أن يرى أن خروج الثاني أولى ، وأما إن قال : يخرج بعث الثغر الفلاني أو الجيش الفلاني- فإنهما يتحالفان ويقتسمان ذلك العطاء ، ويخرجان أو يقترعان ، على أيهما وقعت القرعة خرج ، ولم يرد القاعد على الخارج شيئا ؛ لأن الأمير أعطى عطاء واحدا ، وحقه في خروج واحد ، فلا مقال له على القاعد ، وهو فيما بينهما على أنهما قد استحقاه بعد أيمانهما واقتراعهما ، إنما هو تخفيف لأحدهما على الآخر ، ليس ليرد له شيئا .

                                                                                                                                                                                        وإن كان اختلافهما بعد أخذ العطاء رأس الحول ، أو بعد رجوعهما وفي حين ليس فيه عطاء كان الأمر إلى الإمام في أن يثبتهما ، أو أحدهما حسب ما تقدم . [ ص: 1447 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية