[ ص: 1455 ] [باب] في وفي وجوبه ، وعلى من يجب ، وما يجوز الفداء به فداء الأسارى
قال في العتبية : يجب على المسلمين فداء أساراهم بما قدروا عليه ، كما عليهم أن يقاتلوا حتى يستنقذوهم ، وإن لم يقدروا على فدائهم إلا بكل ما يملكون- فذلك عليهم . مالك
يريد أن القتال لاستنقاذهم واجب ؛ لقول الله -عز وجل- : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا [النساء : 75] .
فإذا رضوا بالفداء وأخذ المال كان واجبا ؛ لأن بذل النفوس في القتال لاستنقاذهم أعظم من بذل المال .
وأرى أن يبتدأ بمال الأسير ، فإن لم يكن فبيت المال ، فإن لم يكن ، أو كان لا يتوصل إلى الفداء منها فمن الزكوات على المستحسن من المذهب ، فإن لم تكن فعلى جميع المسلمين على قدر الأموال إذا كان ما يفدى به لا يستغرق أموالهم ، وإن كان يستغرقها افتدوا بجميعها .
واختلف إذا لم يقبلوا في الفداء إلا الخيل والسلاح أو الخمر والخنزير والميتة : فقال : يفدى بالخيل والسلاح ، ولا يفدى بالخمر ولا الخنزير [ ص: 1456 ] ولا الميتة . أشهب
وعكسه في كتاب ابن القاسم محمد فقال : لا يصلح فداؤهم بالخيل ، وهو بالخمر أخف .
وأجازه في كتاب ابنه بالخمر والخنزير والميتة ، قال : ويأمر الإمام أهل الذمة بدفع ذلك إليهم ، ويحاسبهم بذلك في الجزية وهو أحسن ، وقد أبيح للمسلم استعمال هذه عند الضرورة . ومعونة الكافر على استعمالها أخف ، ولا بأس به في الخيل . سحنون
وكذلك ، إذا لم يقبلوا في الفداء إلا علوجا ، وفي كتاب مسلم . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فدى أسيرين من المسلمين بأسير مشرك
وقال في العتبية : إن لم يرضوا إلا بالمشرك الذي له نجدة أو بعلوج لهم نكاية ؛ فلا بأس بذلك . يريد : ما لم يخش بتسليمهم الظهور على المسلمين . أصبغ
وأما إن كان إنما يخشى وقوع الضرر بالقتال الذي يحدث بتسليمهم فلا بأس ؛ لأن القتال لاستنقاذهم يجب مع وقوع القتل حينئذ ، إلا أن يعطوا عهدا ألا يقاتلوا معهم ، ويرى أنهم يوفون بذلك . [ ص: 1457 ]
قال : لا بأس أن يفدوا بصغار أطفالهم إذا لم يسلموا ، وبالذمي إذا رضي الذمي ، وكانوا لا يسترقونه . سحنون