الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما يجوز الفداء به]

                                                                                                                                                                                        ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "لا يبقين دينان بجزيرة العرب" . يريد : إخراج أهل الكفر منها ، أهل كتاب كانوا أو غيرهم .

                                                                                                                                                                                        وأجلى عمر - رضي الله عنه - أهل خيبر إلى تيماء وأريحا ، وأجلى أهل نجران وفدك ، وأجلى النصارى ، وذكر الطبري أنه كان لا يدع اليهود والنصارى والمجوس يمكثون بالمدينة إلا ثلاثة أيام ، قدر ما يبيعون سلعهم .

                                                                                                                                                                                        واختلف في العبيد : قال عيسى بن دينار : يخرجون كالأحرار . قيل له : فما [ ص: 1458 ] بال أبي لؤلؤة ؟ قال : قد أراد عمر - رضي الله عنه - إخراجه مع من أخرج ، حتى طلب إليه ناس من الصحابة أن يقره لرفقه بالأعمال ، ولحاجة الناس إليه ، وقال يحيى بن مزين : لا يخرج العبيد . قال : وإنما كره عمر- رضي الله عنه - أبا لؤلؤة ومثله من الأعاجم لغوائلهم ، وللذي كان .

                                                                                                                                                                                        والخلف في منتهى جزيرة العرب : فقال مالك : مكة والمدينة واليمن وأرض العرب .

                                                                                                                                                                                        وقال الطبري في تهذيب الآثار : قال معمر بن المثنى : جزيرة العرب ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول ، والعرض ما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة .

                                                                                                                                                                                        وقال الأصمعي : هي ما بين أقصى عدن إلى ريف العراق في الطول ، والعرض من جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام .

                                                                                                                                                                                        قال الطبري : والصواب عندي أن ابتداءها طولا مما يلي العراق وما جزر عنه بحر البصرة من الأرض من حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن . والعرض ما جزر عنه هذا البحر بحر البصرة من جدة إلى أداني أرض الشام ، قال : وإنما قيل لها جزيرة العرب تعريفا وفرقا بينها وبين سائر الجزائر غيرها ، وإنما قيل لها جزيرة لانقطاع ما كان قابضا عليها من ماء البحر عنها ، ولذلك سمي الجزر الذي يكون بنهر البصرة بعقب المد فيه جزرا .

                                                                                                                                                                                        وأصل الجزر في كلام العرب : القطع ، ومنه سمي الجزار . [ ص: 1459 ]

                                                                                                                                                                                        وقال : إنما ترك عمر من بأطراف العراق والشام ضرورة لعمارة الأرض ؛ لأنهم كانوا مشاغيل بالحرث ، ولو أجلوا عنها خربت الأرضون .

                                                                                                                                                                                        [باب الحكم في الخوارج] .

                                                                                                                                                                                        [تم كتاب الجهاد بحمد الله وعونه

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على محمد نبيه وسلم تسليما]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية