الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في صفة التعليم

                                                                                                                                                                                        اختلف في صفة التعليم على أربعة أقوال:

                                                                                                                                                                                        فقال في الكتاب في البازي والكلب: هو أن يفقه: إذا زجر انزجر، وإذا أشلي أطاع .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب في مدونته: هو الذي يفقه إشلاءه ويحضه ذلك على الصيد. وإذا زجرته: نهاه ذلك عنه، وما لا يفقه ذلك فليس بمعلم. وهذا نحو قول ابن القاسم : إن التعليم يصح بوجهين: الزجر والإشلاء .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن حبيب : تعليم الكلاب والفهود أن تدعوه فيجيب ، وتشليه فينشلي، وتزجره فينزجر، وأما الطير فإن تعليمها أن تجيب إذا دعيت، وتنشلي إذا أرسلت، وليس أن تنزجر ; لأنه غير ممكن فيها، وهو قول ربيعة وابن الماجشون .

                                                                                                                                                                                        وقال: وكان ابن القاسم يقول: تعليمها كتعليم الكلاب . فحكي عن [ ص: 1470 ] ابن القاسم أن التعليم يصح بثلاثة، وفرق هو بين الطير وغيرها.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في الكتاب : إذا أدرك كلبه أو بازيه فلم يستطع إزالته من الصيد حتى مات بنفسه- أنه يأكله . فجعله في هذا السؤال معلما، وإن كان لا يطيعه في الزجر، وهذا خلاف ما تقدم له، وخلاف قول أشهب في قوله: إذا زجرته نهاه ذلك . فأما مراعاة إجابته إذا دعي- فضعيف; لأن ذلك معنى لا يتعلق بالصيد، والوجه اعتبار ما يتعلق بالصيد لصاحبه لا لنفسه، وهو الإغراء به، والزجر عنه أقواها; لأنه دليل على أن الأخذ لصاحبه.

                                                                                                                                                                                        اختلف: هل من شرطه أن لا يأكل؟

                                                                                                                                                                                        فقول مالك وأصحابه أنه معلم وإن أكل .

                                                                                                                                                                                        وذكر ابن المواز في ذلك حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "إن أكل; فكل" .

                                                                                                                                                                                        وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ليس بمعلم، واحتجوا بحديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه - . [ ص: 1471 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية