فصل [فيمن حلف ألا يأكل لحما هل يحنث بأكل الشحم؟]
وإن حلف ألا يأكل لحما حنث بأكل الشحم، ولا يحنث إذا حلف ألا يأكل شحما بأكل اللحم; لأن اللحم اسم شامل يدخل فيه الشحم واللحم. والشحم اسم خاص، ولا يسمى الشحم بانفراده لحما. وإن حلف ألا يأكل لحما، فأكل مرق اللحم حنث.
قال محمد : لأنه مما صار فيه من اللحم ودك وإن حلف ألا يأكل شحما; لم يحنث بأكل مرق اللحم.
وإن حلف ألا يأكل لحما; حنث عند بأكل لحوم الأنعام والوحش والطير والحوت، قال : قال الله تعالى: مالك وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا [النحل: 14] .
وقال في المجموعة: لا يحنث إلا بأكل لحم الأنعام الأربع خاصة، دون الوحش وغيره وقال أشهب : إن حلف ألا يأكل رءوسا، فأكل رءوس السمك، أو لا آكل بيضا، فأكل بيض السمك، أو الطير; حنث بكل ما يقع عليه ذلك الاسم، إلا أن تكون له نية. [ ص: 1721 ] ابن القاسم
وقال : لا يحنث، إلا برءوس الأنعام الأربع; لأن عليها تقع الأيمان، ويحنث ببيض الطير استحسانا، وليس بالقياس، قال: والفرق بين ذلك بعد ما بين رءوس الضأن والطير، وقرب ما بين الدجاج والطير، ومنه: ما يشبهه في الخلق والطعم. ولم يحنثه ببيض الحوت. ووافقه أشهب في جميع ذلك ، أعني : الرءوس والبيض يريد: أن العرف اليوم في اللحم غير الحيتان، ولو قال قائل: اشتريت لحما أو أكلته; لم يستفسر. هل هو لحم حيتان، ولو قال: اشتريت لحما وحيتانا، لم يعد ذلك منه تكرارا لما تضمنه اللفظ الأول. ابن حبيب
وقوله في الوحش ليس بحسن; لأنه مقارب للأنعام في الطعم، ومنه: كثير يوافقه في الخلق، كما قال في البيض: أنه يحنث بغير بيض الدجاج، وإن لم يكن غالبا; لأنه مقارب لها بخلاف بيض الحوت. ولأنه يحنث بلحم الإبل، وإن كان أكلها في الحواضر من النادر.
وقد قال لا يحنث إلا بأكل رءوس الغنم والبقر دون الإبل ، وقال أبو حنيفة: لا يحنث، إلا بأكل رءوس الغنم خاصة. أبو يوسف:
وإن حلف ألا آكل حيتانا لم يحنث بأكل لحم ذوات الأربع لأنه خص وكما [ ص: 1722 ] لو حلف ألا يأكل لحم بقر لم يحنث بأكل لحم الغنم.