وسأل أبو بكر رضي الله عنه غلامه .
عمر رضي الله عنه وكل ذلك كان في موضع الريبة وحمله على الورع وإن كان ممكنا ، ولكن لا يحمل عليه إلا بقياس حكمي ، والقياس ليس يشهد بتحليل هذا ، فإن دلالة اليد والإسلام وقد عارضتها هذه الدلالات أورثت ريبة فإذا تقابلا فالاستحلال لا مستند له . وسأل
وإنما لا يترك حكم اليد والاستصحاب بشك لا يستند إلى علامة كما إذا وجدنا الماء متغيرا ، واحتمل أن يكون بطول المكث فإن رأينا ظبية بالت فيه ثم احتمل أن التغيير به تركنا الاستصحاب وهذا قريب منه .
ولكن بين هذه الدلالات تفاوت فإن طول الشوارب ولبس القباء وهيئة الأجناد يدل على الظلم بالمال .
أما القول والفعل المخالفان للشرع إن تعلقا بظلم المال ، فهو أيضا دليل ظاهر كما لو سمعه يأمر بالغصب والظلم أو يعقد عقد الربا .
فأما إذا رآه قد شتم غيره في غضبه أو اتبع نظره امرأة مرت به فهذه الدلالة ضعيفة ، فكم من إنسان يتحرج في طلب المال ولا يكتسب إلا الحلال ، ومع ذلك فلا يملك نفسه عند هيجان الغضب والشهوة فليتنبه لهذا التفاوت ، ولا يمكن أن يضبط هذا بحد فليستفت العبد في مثل ذلك قلبه .
وأقول : إن هذا إن رآه من مجهول فله حكم ، وإن رآه ممن عرفه بالورع في الطهارة والصلاة وقراءة القرآن ، فله حكم آخر إذا تعارضت الدلالتان بالإضافة إلى المال وتساقطتا وعاد الرجل كالمجهول إذ ليست إحدى الدلالتين تناسب المال على الخصوص ، فكم من متحرج في المال لا يتحرج في غيره ، وكم من محسن للصلاة والوضوء والقراءة ويأكل من حيث يجد فالحكم في هذه المواقع ما يميل إليه القلب فإن هذا أمر بين العبد وبين الله فلا يبعد أن يناط بسبب خفي لا يطلع عليه إلا هو ورب الأرباب وهو حكم حزازة القلب .
، ثم ليتنبه لدقيقة أخرى ، وهو أن هذه الدلالة ينبغي أن تكون بحيث تدل على أن أكثر ماله حرام بأن يكون جنديا أو عامل سلطان أو نائحة أو مغنية فإن دل على أن في ماله حراما قليلا لم يكن السؤال واجبا ; بل كان السؤال من الورع .