وأما السمع فبأن تسمع كلامه متلذذا بسماعه ومصدقا به ومظهرا للاستبشار به ولا تقطع حديثهم عليهم بمرادة ولا منازعة ومداخلة واعتراض فإن أرهقك عارض اعتذرت إليهم وتحرس سمعك عن سماع ما يكرهون .
وأما اللسان فقد ذكرنا حقوقه ، فإن القول فيه يطول ، ومن ذلك أن لا يرفع صوته عليهم ولا يخاطبهم إلا بما يفقهون .
وأما اليدان فأن لا يقبضهما عن معاونتهم في كل ما يتعاطى باليد .
وأما الرجلان فأن يمشي بهما وراءهم مشي الأتباع لا مشي المتبوعين ولا يتقدمهم إلا بقدر ما يقدمونه ولا يقرب منهم إلا بقدر ما يقربونه ويقوم لهم إذا أقبلوا ولا يقعد إلا بقعودهم ويقعد متواضعا حيث يقعد .
ومهما تم الاتحاد خف حمله من هذه الحقوق مثل القيام والاعتذار والثناء فإنها من حقوق الصحبة ، وفي ضمنها نوع من الأجنبية والتكلف ، فإذا تم الاتحاد انطوى بساط التكلف بالكلية فلا يسلك به إلا مسلك نفسه ؛ لأن هذه الآداب الظاهرة عنوان آداب الباطن وصفاء القلب .
ومهما صفت القلوب استغنى عن تكلف إظهار ما فيها ، ومن كان نظره إلى ومن كان نظره إلى الخالق لزم الاستقامة ظاهرا وباطنا وزين باطنه بالحب لله ولخلقه وزين ظاهره بالعبادة لله والخدمة لعباده ، فإنها أعلى أنواع الخدمة لله ؛ إذ لا وصول إليه إلا بحسن الخلق ويدرك العبد بحسن خلقه درجة القائم الصائم وزيادة . صحبة الخلق فتارة يعوج وتارة يستقيم