الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              ذكر نزوله - صلى الله عليه وسلم - تبوك واتخاذه مسجدا

                                                                                                                                                                                                                              قال شيوخ محمد بن عمر : لما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك وضع حجرا قبلة مسجد تبوك وأومأ بيده إلى الحجر وما يليه ثم صلى بالناس الظهر ، ثم أقبل عليهم فقال : "ما ها هنا شام ، وما ها هنا يمن" . [ ص: 452 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد : خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام تبوك وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال :

                                                                                                                                                                                                                              "ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس ، إن من خير الناس رجلا يحمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت . وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيء منه"
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البيهقي عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أصبح بتبوك حمد الله تعالى وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : "أيها الناس أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأوثق العرى كلمة التقوى ، وخير الملل ملة إبراهيم ، وخير السنن سنة محمد ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص القرآن ، هذا وخير الأمور عوازمها ، وشر الأمور محدثاتها وأحسن الهدي هدي الأنبياء ، وأشرف الموت قتل الشهداء ، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى ، وخير الأعمال ما نفع وشر العمى عمى القلب ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، وشر المعذرة حين يحضر الموت ، وشر الندامة يوم القيامة ، ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبرا ، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا ، ومن أعظم الخطايا اللسان الكذاب ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل ، وخير ما وقر في القلوب اليقين ، والارتياب من الكفر ، والنياحة من أعمال الجاهلية ، والغلول من جثى جهنم ، والسكركة من النار ، والشعر من إبليس ، والخمر جماع الإثم ، والنساء حبالة الشيطان ، والشباب شعبة من الجنون ، وشر المكاسب كسب الربا ، وشر المأكل مال اليتيم ، والسعيد من وعظ بغيره ، والشقي من شقي في بطن أمه ، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ، والأمر إلى الآخرة ، وملاك العمل خواتمه ، وشر الرؤيا رؤيا الكذب ، وكل ما هو آت قريب ، وسباب المؤمن فسوق ، وقتال المؤمن كفر ، وأكل لحمه من معصية الله عز وجل ، وحرمة ماله كحرمة دمه ، ومن يتأل على الله يكذبه ، ومن يغفر يغفر له ، ومن يعف يعف الله عنه ، ومن يكظم الغيظ يأجره الله ، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله ، ومن يبتغ السمعة يسمع الله به ، ومن يصبر يضعف الله له ، ومن يعص الله يعذبه الله . اللهم اغفر لي ولأمتي - قالها ثلاثا - أستغفر الله لي ولكم" .

                                                                                                                                                                                                                              وذكر ابن عائذ - رحمه الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل تبوك في زمان قل ماؤها [ ص: 453 ] فيه ، فاغترف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرفة بيده من مائها فمضمض بها فاه ثم بصقه فيها ففارت حتى امتلأت ، فهي كذلك حتى الساعة .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية