وانتدب ثلاثة نفر من الخوارج: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، فاجتمعوا بمكة وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، ويريحوا العباد منهم، فقال وعمرو بن العاصي، ابن ملجم: أنا لكم بعلي، وقال البرك: أنا لكم وقال بمعاوية، عمرو بن بكير: أنا أكفيكم فتعاهدوا على ذلك، واتعدوا ليلة سبع عشرة من رمضان. عمرو بن العاص،
ثم توجه كل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، فقدم ابن ملجم الكوفة، فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريدون إلى ليلة الجمعة، سابع عشر رمضان، سنة أربعين، فاستيقظ سحرا فقال لابنه علي (رأيت الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ؛ ما لقيت من أمتك من الأود واللدد؟ فقال لي: «ادع الله عليهم»، فقلت: اللهم؛ أبدلني بهم خيرا لي منهم، وأبدلهم بي شرا لهم مني). الحسن:
ودخل ابن النباح المؤذن على ذلك فقال: الصلاة، فخرج من الباب ينادي: (أيها الناس؛ الصلاة الصلاة)، فاعترضه علي ابن ملجم، فضربه بالسيف، فأصاب جبهته إلى قرنه، ووصل إلى دماغه، فشد عليه الناس من كل جانب، فأمسك وأوثق.
وأقام الجمعة والسبت، وتوفي ليلة الأحد، وغسله علي الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وصلى عليه ودفن الحسن، بدار الإمارة بالكوفة ليلا، ثم قطعت أطراف ابن ملجم، وجعل في قوصرة، وأحرقوه بالنار.
هذا كله كلام ابن سعد، وقد أحسن في تلخيصه هذه الوقائع، ولم يوسع فيها الكلام كما صنع غيره؛ لأن هذا هو اللائق بهذا المقام، قال [ ص: 296 ] صلى الله عليه وسلم: وقال: «إذا ذكر أصحابي.. فأمسكوا». «بحسب أصحابي القتل».
وفي «المستدرك» عن السدي قال: كان عبد الرحمن بن ملجم المرادي عشق امرأة من الخوارج يقال لها: قطام، فنكحها، وأصدقها ثلاثة آلاف درهم، علي، وفي ذلك قال وقتل الفرزدق:
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة كمهر قطامبين غير معجم ثلاثة آلاف وعبد وقينة
وضرب علي بالحسام المصمم فلا مهر أغلى من علي وإن علا
ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
وقال شريك: (نقله ابنه إلى الحسن المدينة).
وقال عن المبرد: محمد بن حبيب: (أول من حول من قبر إلى قبر: رضي الله عنه). علي
وأخرج عن ابن عساكر سعيد بن عبد العزيز، قال: (لما قتل حملوه ليدفنوه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هم في مسيرهم ليلا... إذ ند الجمل الذي هو عليه، فلم يدر أين ذهب؟ ولم يقدر عليه، قال: فلذلك يقول أهل علي بن أبي طالب.. العراق: هو في السحاب).
وقال غيره: (إن البعير وقع في بلاد طيء، فأخذوه فدفنوه).
[ ص: 297 ] وكان حين قتل ثلاث وستون سنة، وقيل: أربع وستون، وقيل: خمس وستون، وقيل: سبع وخمسون، وقيل: ثمان وخمسون، وكان له تسع عشرة سرية. لعلي