وقال المدائني: (لما أيقن عبد الملك بالموت.. قال: والله؛ لوددت أني كنت منذ ولدت إلى يومي هذا حمالا.
ثم أوصى بنيه بتقوى الله، ونهاهم عن الفرقة والاختلاف، وقال: كونوا بني أم بررة، وكونوا في الحرب أحرارا، وللمعروف منارا، فإن الحرب لم تدن منية قبل وقتها، وإن المعروف يبقى أجره وذكره، واحلوا في مرارة، ولينوا في [ ص: 362 ] شدة، وكونوا كما قال ابن عبد الأعلى الشيباني:
إن القداح إذا اجتمعن فرامها بالكسر ذو حنق وبطش باليد عزت فلم تكسر، وإن هي بددت
فالكسر والتوهين للمتبدد
وقال غيره: (لما احتضر عبد الملك ... دخل عليه ابنه الوليد، فتمثل:
كم عائد رجلا وليس يعوده إلا ليعلم هل يراه يموت
قلت: لو لم يكن من مساوئ عبد الملك إلا وتوليته إياه على المسلمين وعلى الصحابة، يهينهم ويذلهم قتلا وضربا، وشتما وحبسا، وقد قتل من الصحابة وأكابر التابعين ما لا يحصى فضلا عن غيرهم، وختم في عنق الحجاج وغيره من الصحابة ختما، يريد بذلك ذلهم، فلا رحمه الله ولا عفا عنه. أنس
عبد الملك: ومن شعر
لعمري لقد عمرت في الدهر برهة ودانت لي الدنيا بوقع البواتر
فأضحى الذي قد كان مما يسرني كلمح مضى في المزمنات الغوابر
فيا ليتني لم أعن في الملك ساعة ولم أله في اللذات عيش نواضر
وكنت كذي طمرين عاش ببلغة من الدهر حتى زار ضنك المقابر