وأخرج الصولي عن يعقوب بن جعفر قال : (مما يؤثر من ذكاء المنصور : أنه دخل المدينة فقال للربيع : اطلب لي رجلا يعرفني دور الناس ، فجاءه رجل ، فجعل يعرفه الدور ، إلا أنه لا يبتدئه به حتى يسأله المنصور ، فلما فارقه . . . أمر له بألف درهم ، فطالب الرجل الربيع بها ، فقال : ما قال لي شيئا وسيركب ، فذكره .
فركب مرة أخرى ، فجعل يعرفه ، ولا يرى موضعا للكلام ، فلما أراد أن يفارقه . . قال الرجل مبتدئا : وهذه يا أمير المؤمنين دار عاتكة التي يقول فيها الأحوص :
يا بيت عاتكة الذي أتغزل حذر العدى وبه الفؤاد موكل
[ ص: 436 ] فأنكر المنصور ابتداءه ، فأمر القصيدة على قلبه; فإذا فيها :وأراك تفعل ما تقول وبعضهم مذق اللسان يقول ما لا يفعل
وأسند الصولي عن إسحاق الموصلي قال : (لم يكن المنصور يظهر لندمائه بشرب ولا غناء ، بل يجلس وبينه وبين الندماء ستارة بينهم وبينها عشرون ذراعا ، وبينها وبينه كذلك ، وأول من ظهر للندماء من خلفاء بني العباس : المهدي ) .
وأخرج الصولي عن يعقوب بن جعفر قال : قال المنصور لقثم بن العباس بن عبد الله بن العباس ، وكان عامله على اليمامة والبحرين : (ما القثم ؟ ومن أي شيء أخذ ؟ فقال : لا أدري ، فقال : اسمك اسم هاشمي لا تعرفه ؟ ! أنت والله جاهل ، قال : فإن رأى أمير المؤمنين أن يفدينه ، قال : القاثم : الذي يزل بعد الأكل ، ويقثم الأشياء : يأخذها ويثلمها ) .


