[ ص: 473 ] خلافة الأمين
[193 - 198 هـ ]
الأمين محمد أبو عبد الله بن الرشيد ، كان ولي عهد أبيه ، فولي الخلافة بعده ، وكان من أحسن الشباب صورة ، أبيض طويلا جميلا ، ذا قوة مفرطة وبطش وشجاعة ومعرفة; يقال : إنه قتل مرة أسدا بيديه، وله فصاحة وبلاغة ، وأدب وفضيلة; لكن كان سيئ التدبير; كثير التبذير ، ضعيف الرأي ، أرعن ، لا يصلح للإمارة .
فأول ما بويع بالخلافة : أمر ثاني يوم ببناء ميدان جوار قصر المنصور للعب بالكرة .
[عزل القاسم وجعل العهد لموسى بن الأمين ] ثم في سنة أربع وتسعين : عزل أخاه القاسم عما كان الرشيد ولاه ، ووقعت الوحشة بينه وبين أخيه المأمون ، فقيل : إن الفضل بن الربيع علم أن الخلافة إذا أفضت إلى المأمون . . . لم يبق عليه ، فأغرى الأمين به ، وحثه على خلعه ، وأن يولي العهد لابنه موسى .
ولما بلغ المأمون عزل أخيه القاسم . . . قطع البريدية عن الأمين ، وأسقط اسمه من الطراز والضرب .
ثم إن الأمين أرسل إليه يطلب منه : أن يقدم موسى على نفسه ، ويذكر أنه قد سماه : الناطق بالحق ، فرد المأمون ذلك وأباه ، وخامر الرسول معه وبايعه بالخلافة سرا ، ثم كان يكتب إليه بالأخبار ويناصحه من العراق .
[ ص: 474 ] ولما رجع وأخبر الأمين بامتناع المأمون . . . أسقط اسمه من ولاية العهد ، وطلب الكتاب الذي كتبه الرشيد وجعله بالكعبة فأحضروه ومزقه ، وقويت الوحشة .


