قال ابن جرير : (لما ملك الأمين . . . ابتاع الخصيان ، وغالى بهم ، وصيرهم لخلوته ، ورفض النساء والجواري ) .
وقال غيره : (لما ملك . . وجه إلى البلدان في طلب الملهين وأجرى لهم الأرزاق ، واقتنى الوحوش والسباع والطيور ، واحتجب عن أهل بيته وامرأته ، [ ص: 479 ] واستخف بهم ، ومحق ما في بيوت الأموال ، وضيع الجواهر والنفائس ، وبنى عدة قصور للهو في أماكن ) .
وأجاز مرة من غنى له :
هجرتك حتى قلت لا يعرف القلى وزرتك حتى قلت ليس له صبر
وعمل خمس حراقات على خلقة الأسد ، والفيل ، والعقاب ، والحية ، والفرس ، وأنفق في عملها أموالا فقال أبو نواس :سخر الله الأمين مطايا لم تسخر لصاحب المحراب
فإذا ما ركابه سرن برا سار في الماء راكبا ليث غاب
أسدا باسطا ذراعيه يهوي أهرت الشدق كالح الأنياب
ضربوا قرة عيني ومن أجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي من أناس أحرقوه
ما لمن أهوى شبيه فبه الدنيا تتيه
وصله حلو ولكن هجره مر كريه
[ ص: 480 ]
من رأى الناس له الـ ـفضل عليهم حسدوه
مثل ما قد حسد القا ئم بالملك أخوه
فلما قتل الأمين . . جاء التيمي إلى المأمون ، وامتدحه فلم يأذن له ، فالتجأ إلى الفضل بن سهل فأوصله إلى المأمون فلما سلم عليه . . . قال : (هيه يا تيمي :
مثل ما قد حسد القا ئم بالملك أخوه
نصر المأمون عبد الله لما ظلموه
نقض العهد الذي قد كان قدما أكدوه
لم يعامله أخوه بالذي أوصى أبوه
وقيل : إن سليمان بن منصور رفع إلى الأمين : أن أبا نواس هجاه ، فقال : يا عم; أقتله بعد قوله ؟ :
أهدي الثناء إلى الأمين محمد ما بعده بتجارة مرتبص
صدق الثناء على الأمين محمد ومن الثناء تكذب وتخرص
قد ينقص البدر المنير إذا استوى وبهاء نور محمد ما ينقص
وإذا بنو المنصور عد خصالهم فمحمد ياقوتها المتخلص
[ ص: 481 ]


