[استيلاء المعز وسمل المستكفي]
ثم إن معز الدولة قوي أمره، وحجر على الخليفة، وقرر له كل يوم برسم النفقة خمسة آلاف درهم فقط، وهو العراق من الديلم، أول من ملك ببغداد، وأغوى المصارعين والسباحين، فانهمك شباب وأول من أظهر السعاة بغداد في تعلم المصارعة والسباحة، حتى صار السباح يسبح وعلى يده كانون فوقه قدرة، فيسبح حتى ينضج اللحم.
ثم إن معز الدولة تخيل من المستكفي، فدخل عليه في جمادى الآخرة، سنة أربع وثلاثين، فوقف والناس وقوف على مراتبهم، فتقدم اثنان من الديلم إلى [ ص: 614 ] الخليفة، فمد يده إليهما؛ ظنا أنهما يريدان تقبيلها، فجذباه من السرير وطرحاه إلى الأرض، وجراه بعمامته، وهجم الديلم دار الخلافة إلى الحرم ونهبوها، فلم يبق فيها شيء، ومضى معز الدولة إلى منزله، وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر. وساقوا المستكفي ماشيا إليه، وخلع وسملت عيناه يومئذ،
وأحضروا الفضل بن المقتدر وبايعوه، ثم قدموا ابن عمه فسلم عليه بالخلافة، وأشهد على نفسه بالخلع، ثم سجن إلى أن مات سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة، وله ست وأربعون سنة، ، وكان يتظاهر بالتشيع. المستكفي،