[ ص: 254 ] سورة الأنعام فيها ثمان عشرة آية :
الآية الأولى قوله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } .
فيها سبع مسائل :
المسألة الأولى : قوله تعالى : { وعنده } اعلموا أنا قد بينا هذه الآية في ملجئة المتفقهين إلى معرفة غوامض النحويين " بما المقصود منه هاهنا أن " عنده " كلمة يعبر بها عما قرب منك وتحقيقه أن دنو الشيء من الشيء يقال فيه قريب ، ونأيه عنه يقال فيه بعيد ، وأصله : المكان في المساحة ، تقول : زيد قريب منك ، وعمرو بعيد عنك .
ويوضع الفعل موضع الاسم ; فتقول : زيد قربك ، ثم ينقل إلى المكانة المعقولة غير المحسوسة ، فيقال : العلم منك قريب ، وعليه يتأول ما يخبر به عن الباري سبحانه من ذلك ، وبه يفسر قوله سبحانه : { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } بعشرين معنى جائزة على الله سبحانه ، مما يصح أن يوصف بها ويخبر عنه بمعناها على ما بينا في كتاب المشكلين " . [ ص: 255 ]
وتقول : زيد قدامك ، وعمرو وراءك . فإذا قلت زيد قدامك احتمل المسافة من لدن جسمه إلى ما لا ينحصر منتهاه قدما ، وكذلك وراءك ، فصغروه إذا أرادوا قرب المسافة من المخبر عنه ، فقالوا : قديديمة . وإذا أرادوا تخليص القرب بغاية الدنو قالوا : زيد عندك ، عبروا به عن نهاية القرب ، ولذلك لم يصغروه ، فيقولوا فيه عنيد .
وقد يعبر بها أيضا عما في ملك الإنسان ، فيقال : عنده كذا وكذا ; أي في ملكه لأن الملك يختص بالمرء اختصاص الصفة بالموصوف ; فعبروا بأقرب الوجوه إليه بقوله : عنده ، وهو المراد بقوله في الحديث : { } يعني في ملكك . نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك
إذا ثبت هذا وهي :