المسألة الثانية : قوله تعالى : وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } {
قال قوم : هذا خطاب من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم والمراد بذلك الأمة ، وكأن القائلين بذلك ذهبوا إلى تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن النسيان وهم كبار الرافضة ، قبحهم الله ، وإن عذرنا أصحابنا في قولهم : إن قوله تعالى : { لئن أشركت ليحبطن عملك } ، خطاب للأمة باسم النبي صلى الله عليه وسلم ; لاستحالة الإشراك عليه [ ص: 261 ] فلا عذر لهم في هذا لجواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : { سنقرئك فلا تنسى } .
وقال صلى الله عليه وسلم مخبرا عن نفسه : { } ، وقال وقد سمع قراءة رجل يقرأ : { إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون } . لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها
وقال في ليلة القدر : { } . تلاحى رجلان فنسيتها
وقال : { } ، كراهية إضافة اللفظ إلى القرآن ; لقوله تعالى : { لا يقولن أحدكم نسيت آية كذا ، بل نسيتها كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى } .
وفائدته : أن لفظ " نسيت " ينطلق على تركت انطلاقا طبقيا ، ثم نقول في تقسيم وجهي متعلقه سهوت إذا كان تركه عن غير قصد ، وعمدت إذا كان تركه عن قصد ; ولذلك قال علماؤنا : إن قوله : { } عام في وجهي النسيان العمد والسهو . من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها
وقوله إذا ذكرها : يعني أن الساهي يطرأ عليه الذكر فيتوجه عليه الخطاب ، وأن العامد ذاكر أبدا فلا يزال الخطاب يتوجه عليه أبدا ، والله أعلم .