الآية التاسعة عشرة :
قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون }
هذه آية عظيمة من الآي التي جمعت العقائد والأعمال ، وقد كنا تكلمنا عليها في مجالس أنوار الفجر أزمنة كثيرة ، ثم أنعم الله بأن أخرجنا نكتها المقصودة من الوجهين جميعا في كتاب الأمد الأقصى " ، وفيها سبع مسائل :
المسألة الأولى :
قوله تعالى : { الأسماء } : كل لفظ جعل للدلالة على المعنى إن لم يكن مشتقا ، فإن كان مشتقا فليس باسم ، وإنما هو صفة ، هذا قول النحاة . أخبرنا الأستاذ الرئيس الأجل المعظم فخر الرؤساء حقيقة الاسم أبو المظفر محمد بن العباس لفظا قال : سمعت الأستاذ المعظم يقول : سمعت عبد القاهر الجرجاني أبا الحسن ابن أخت أبي علي يقول : سمعت خالي أبا علي يقول : كنت بمجلس سيف الدولة بحلب ، وبالحضرة جماعة من أهل المعرفة فيهم ابن خالويه إلى أن قال ابن خالويه : أحفظ للسيف خمسين اسما . فتبسم أبو علي ، وقال : ما أحفظ له إلا اسما واحدا ، وهو السيف . فقال ابن خالويه : فأين المهند ؟ وأين الصارم ؟ وأين الرسوب ؟ وأين المخذم وجعل يعدد . فقال أبو علي : هذه صفات .
وكأن الشيخ لا يفرق بين الاسم والصفة .
وهذه قاعدة أسسها ليرتب عليها قانونا من الصناعة في التصريف والجمع والتصغير ، والحذف والزيادة والنسبة ، وغير ذلك من الأبواب ; إذ لحظ ذلك في مجاري [ ص: 338 ] العربية ، وهو أمر لا تحتاج إليه الشريعة بعضد ، ولا ترده بقصد ; فلا معنى لإنكارها للقوم أو إقرارها . سيبويه
المسألة الثانية :
قال سخيف من جملة المغاربة : عددت أسماء الله فوجدتها ثمانين ، وجعل يعدد الصفات النحوية ، ويا ليتني أدركته ; فلقد كانت فيه حشاشة لو تفاوضت معه في الحقائق لم يكن بد من قبوله ، والله أعلم .
وليس العجب منه ; إنما العجب من الطوسي أن يقول : وقد عدد بعض حفاظ المغرب الأسماء فوجدها ثمانين حسبما نقله إليه طريد طريف ببورقة الحميدي ، وإنما وقع في ذلك أبو حامد بجهله بالصناعة ، أما إنه كان فصيحا ذرب القول ، ذرب اللسان في الاسترسال على الكلمات الصائبة ، لكن القانون كان عنه نائيا ، والعالم عندنا اسم ، كزيد اسم ، وأحدهما يدل على الوجود ، والآخر يدل على الوجود ومعنى معه زائد عليه ، والذي يعضد ذلك أن الصحابة وعلماء الإسلام حين عددوا الأسماء ذكروا المشتق والمضاف والمطلق في مساق واحد إجراء على الأصل ، ونبذا للقاعدة النحوية .