الآية التاسعة قوله تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } .
فيها مسألتان :
المسألة الأولى : قد بينا أنها مكية .
وسبب نزولها ، والمراد بها ما روي أن قريشا اجتمعت في دار الندوة [ ص: 396 ] وقالت : إن أمر محمد قد طال علينا ، فماذا ترون ؟ فأخذوا في كل جانب من القول ، فقال قائل : نرى أن يقيد ويحبس .
وقال آخر : نرى أن ينفى ويخرج .
وقال آخر : نرى أن يأخذ من كل قبيلة رجل سيفا فيضربونه ضربة واحدة ، فلا يقدر بنو هاشم على مطالبة القبائل .
وكان القائل هذا أبا جهل .
فاتفقوا عليه ، وجاء جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فأعلمه بذلك ، وأذن له في الخروج ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يضطجع على فراشه ، ويتسجى ببرده الحضرمي . علي بن أبي طالب
وخرج النبي صلى الله عليه وسلم [ عليهم ] حتى وضع التراب على رءوسهم ، ولم يعلموا به ، وأخذ مع أبي بكر إلى الغار ، فلما أصبحوا نظروا إلى في موضعه ، وقد فاتهم ، ووجدوا التراب على رءوسهم ، ولم يعلموا ، تحت خزي وذلة ، فامتن الله على رسوله بذلك من نعمته عليه وسلامته من مكرهم بما أظهر عليهم من نوم علي على السرير كأنه النبي ، ومن وضع التراب على رءوسهم ، وهذا كله مكر من فعله جزاء على مكرهم ، والله خير الماكرين . علي
المسألة الثانية : قام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم فداء له ، وخرج علي أبو بكر مع النبي مؤنسا له .
وقد روي أن قال له النبي صلى الله عليه وسلم : { عليا إنه لن يخلص إليك } .
وهذا تأمين يقين ، ويجب على الخلق أجمعين أن يقوا بأنفسهم النبي صلى الله عليه وسلم وأن يهلكوا أجمعين في نجاته ، فلن يؤمن أحد حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه وأهله والخلق أجمعين .
ومن وقى مسلما بنفسه فليس له جزاء إلا الجنة .
وذلك جائز .
والدليل عليه وجوب . مدافعة المطالب والصائل على أخيك المسلم