المسألة الثانية : إذا انتقض عهده لقوله : { طعن الذمي في الدين وإن نكثوا أيمانهم }
إلى : { فقاتلوا أئمة الكفر } فأمر الله بقتلهم وقتالهم إذا طعنوا في دينكم .
فإن قيل : إنما أمرنا بقتالهم بشرطين : أحدهما : نكثهم للعهد .
والثاني : طعنهم في الدين .
قلنا : الطعن في الدين نكث للعهد ، بل قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إن عملوا ما يخالف العهد انتقض عهدهم .
فقد روي أن رفع إليه أن ذميا نخس دابة عليها امرأة مسلمة ، فرمحت ، فأسقطتها ، فانكشف بعض عورتها ، فأمر بصلبه في الموضع [ ص: 461 ] وقد قال علماؤنا : إذا حارب الذمي نقض عهده ، وكان [ ماله وولده ] فيئا قال عمر : ولا يؤخذ ولده ; لأنه نقض وحده . محمد بن مسلمة
وقال : أما ماله فيؤخذ .
وهذا تعارض لا يشبه منصب محمد ; لأن عهده هو الذي حمى ولده وماله ، فإذا ذهب عنه ذهب عن ولده وماله .
وقال : إذا أشهب فهو على عهده ، ولا يعود الحر في الرق أبدا . نقض الذمي العهد
وهذا من العجب ، وكأنه رأى العهد معنى محسوسا ، وإنما العهد حكم اقتضاه النظر ، والتزمه المسلمون ، فإذا نقضه انتقض كسائر العقود من البيع والنكاح ، فإنها تعقد ; فترتب عليها الأحكام ; فإذا نقضت ونسخت ذهبت تلك الأحكام .