الآية الثامنة قوله تعالى { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين } فيها مسألتان :
المسألة الأولى : دلت الآية على أن صحيحة ; لأن الله ربطها بها ، وأخبر عنها بملازمتها ، والنفس تطمئن بها وتسكن إليها ، وهذا في ظاهر الصلاح ليس في مقاطع الشهادات ، فلها وجوه ، وللعارفين بها أحوال ، وإنما يؤخذ كل أحد بمقدار حاله وعلى مقتضى صفته ; فمنهم الذكي الفطن المحصل لما يعلم اعتقادا وإخبارا ، ومنهم المغفل ; فكل أحد ينزل على منزلته ويقدر على صفته . الشهادة لعمار المساجد بالإيمان والصلاة
المسألة الثانية : روى بعضهم أن الآية إنما قصد بها قريش ; لأنهم كانوا يفخرون على سائر الناس [ ص: 462 ] بأنهم سكان مكة وعمار المسجد الحرام ، ويرون بذلك فضلا لهم على غيرهم ، فنفى الله ذلك عنهم شرعا وفضيلة ، لا حسا ووجودا ، وأخبر أن العمارة لبيت الله لا تكون بالكفر به ، وإنما تكون بالإيمان والعبادة وأداء الطاعة ; سمعت الشيخ الإمام فخر الإسلام يقول : كان القاضي الإمام أبا بكر محمد بن أحمد الشاشي أبو الطيب الطبري يسمي الشيخ الإمام إمام الشافعية وشيخ الصوفية أبا إسحاق الشيرازي بمدينة السلام حمامة المسجد ; لملازمته له ; لأنه لم يكن يجعل لنفسه بيتا سواه يلازم ، ويواظب القراءة والتدريس حتى صار إمام الطريقتين : الفقه والتصوف . القاضي أبا الطيب