المسألة الثالثة : قوله : { فإن يتوبوا يك خيرا لهم } : فيه دليل على توبة الكافر الذي يسر الكفر ويظهر الإيمان ، وهو الذي يسميه الفقهاء الزنديق .
[ ص: 546 ] وقد اختلف في ذلك العلماء ، فقال مالك : لا تقبل له توبة .
وقال الشافعي : تقبل .
وليست المسألة كذلك ، وإنما يقول مالك : إن توبة الزنديق لا تعرف ; لأنه كان يظهر الإيمان ويسر الكفر ، ولا يعلم إيمانه إلا بقوله .
وكذلك يفعل الآن ، وفي كل حين ، يقول : أنا مؤمن ، وهو يضمر خلاف ما يظهر ، فإذا عثرنا عليه وقال : تبت لم يتغير حاله .
وقبول التوبة لا يكون إلا لتوبة تتغير فيها الحالة الماضية بنقيضها في الآتية .
ولهذا قلنا : إنه إذا جاء تائبا من قبل نفسه قبل أن يعثر عليه قبلنا توبته ، وهو المراد بالآية ، فإنها ليست بعموم ، فتتناول كل حالة ; وإنما تقتضي القبول المطلقة فيكفي في تحقيق المعنى للفظ وجوده من جهة ، وقد بينا المسألة على الاستيفاء في مسائل الخلاف ، وهذا القدر يتعلق بالأحكام ، وقد بيناه .


