المسألة السادسة : قوله تعالى { ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه } : أقوى دليل على قبول إذا ظهر من حاله صدق الرغبة ، مع دعوى المعجزة ، كإفاضة العين ، وتغيير الهيئة ; لقوله : [ ص: 563 ] { عذر المعتذر بالحاجة والفقر عن التخلف في الجهاد تولوا وأعينهم تفيض } الآية ، ويدل على أنه لا يلزم الفقير الخروج في الغزو والجهاد تعويلا على النفقة من المسألة ، حاشا ما قاله علماؤنا دون سائر الفقهاء : إن ذلك إذا كانت عادة لزمه ذلك ، وخرج على العادة ; وهو صحيح ; لأن إذا لم يتغير يتوجه الفرض عليه توجهه عليه ، ولزمه أداؤه ، وهي : المسألة السابعة : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : من قرائن الأحوال ما يفيد العلم الضروري ، ومنها ما يحتمل الترديد ; فالأول كمن يمر على دار قد علا فيها النعي ، وخمشت فيها الخدود ، وحلقت الشعور ، وسلقت الأصوات ، وخرقت الجيوب ، ونادوا على صاحب الدار بالثبور ، فيعلم أنه قد مات .
وأما الثاني فكدموع الأيتام على أبواب الحكام قال الله تعالى مخبرا عن إخوة يوسف : { وجاءوا أباهم عشاء يبكون } وهم الكاذبون ، وجاءوا على قميصه بدم كذب ، ومع هذا فإنها قرائن يستدل بها في الغالب ، وتنبني عليها الشهادة في الوقت وغيره بناء على ظواهر الأحوال وغالبها .