[ ص: 598 ] الآية الخامسة والأربعون قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } . فيها أربع مسائل : المسألة الأولى : في تفسير الصادقين : وفيه ثمانية أقوال :
الأول : أنهم الذين استوت ظواهرهم وبواطنهم .
الثاني : أنهم الذين قال الله فيهم : { ليس البر أن تولوا وجوهكم } إلى قوله تعالى { المتقون } .
الثالث : أنهم المهاجرون ; وقد روي كما قدمنا أن أبا بكر قال للأنصار يوم سقيفة بني ساعدة : إن الله سمانا الصادقين ; فقال : { للفقراء المهاجرين } إلى قوله تعالى { هم الصادقون } ثم سماكم المفلحين ، فقال : { والذين تبوءوا الدار } . وقد أمركم الله أن تكونوا معنا حيث كنا ، فقال : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } .
الرابع : أن الصادقين هم المسلمون ، والمخاطبون هم المؤمنون من أهل الكتاب .
الخامس : الصادقون هم الموفون بما عاهدوا ، وذلك بقوله تعالى : { رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه } .
السادس : هم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعني أبا بكر ، وعمر ; أو السابقون الأولون ، وهو السابع .
الثامن : هم الثلاثة الذين خلفوا .
المسألة الثانية : في تحقيق هذه الأقوال : أما الأول : فهو الحقيقة والغاية التي إليها المنتهى في هذه الصفة ، وبها يرتفع النفاق [ ص: 599 ] في العقيدة ، والمخالفة في الفعل ، وصاحبها يقال له صديق ، وهي في أبي بكر وعمر ، ومن دونهما على منازلهم وأزمانهم .
وأما من قال بالثاني : فهو معظم الصدق ، ومن أتى المعظم فيوشك أن يتبعه الأقل ، وهو معنى الخامس ; لأنه بعضه ، وقد دخل فيه ذكره .
وأما تفسير أبي بكر الصديق : فهو الذي يعم الأقوال كلها ; لأن جميع الصفات موجودة فيهم .
وأما القول الرابع : فصحيح وهو بعضه أيضا ، ويكون المخاطب أهل الكتاب والمنافقين .
والسادس : تقدم معناه .
والسابع : يكون المخاطب الثمانين رجلا الذين تخلفوا واعتذروا وكذبوا ، أمروا أن يكونوا مع الثلاثة الصادقين ; ويدخل هذا في جملة الصدق .


