المسألة الرابعة عشرة قوله تعالى : { وخر راكعا وأناب    }    : لا خلاف بين العلماء أن الركوع هاهنا السجود ; لأنه أخوه ; إذ كل ركوع سجود ، وكل سجود ركوع ; فإن السجود هو الميل ، والركوع هو الانحناء ، وأحدهما يدل على  [ ص: 48 ] الآخر ، ولكنه قد يختص كل واحد منهما بهيئة ، ثم جاء على تسمية أحدهما بالآخر ، فسمي السجود ركوعا . 
واختلف العلماء هل هي من عزائم السجود أم لا ؟ حسبما بيناه من قبل . 
وروى  أبو سعيد الخدري    { أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على المنبر : { ص والقرآن ذي الذكر    } فلما بلغ السجدة نزل فسجد ، وسجد الناس معه ; فلما كان يوم آخر قرأها فهيأ الناس للسجود ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنها توبة نبي ، ولكنني رأيتكم تيسرتم للسجود ، ونزل فسجد   } . وهذا لفظ أبي داود    . وفي  البخاري  وغيره عن  ابن عباس    " أنه قال : { ص ليست من عزائم القرآن . وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها   } . 
وقد روي من طريق عن  ابن مسعود  أنه قال : إنها توبة نبي ، لا يسجد فيها . 
وعن  ابن عباس  أنه قال : إنها توبة نبي ; ونبيكم ممن أمر أن يقتدى به . 
والذي عندي  أنها ليست موضع سجود ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها فسجدنا للاقتداء به . 
ومعنى السجود أن داود  عليه السلام سجد خاضعا لربه ، معترفا بذنبه ، تائبا من خطيئته ; فإذا سجد أحد فيها فليسجد بهذه النية ; فلعل الله أن يغفر له بحرمة داود  الذي اتبعه ، وسواء قلنا إن شرع من قبلنا شرع لنا أم لا فإن هذا أمر مشروع في كل ملة لكل أحد ، والله أعلم . 
وقد روى الترمذي  وغيره واللفظ للغير { أن رجلا من الأنصار  على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل يستتر بشجرة ، وهو يعرض القرآن ; فلما بلغ السجدة سجد وسجدت الشجرة معه ، فسمعها وهي تقول : اللهم أعظم لي بهذه السجدة أجرا وارزقني بها شكرا   } . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					