فيها خمس مسائل : المسألة الأولى قوله : بالعشي . وقد تقدم بيانه ، وأنه من زوال الشمس إلى الغروب ، كما أن الغداة من طلوع الشمس إلى الزوال . المسألة الثانية قوله : { الصافنات الجياد } يعني التي وقفت من الدواب على ثلاث قوائم ، وذلك لعتقها ، فإذا ثنى الفرس إحدى رجليه فذلك علامة على كرمه ، كما أنه إذا شرب ولم يثن سنبكه دل أيضا على كرمه ، ومن الغريب في غريب الحديث : { } . وهذا حديث موضوع . ومن الحديث المشهور : { من سره أن يقوم له الرجال صفونا يعني يديمون له القيام فليتبوأ مقعده من النار } . وقد بيناه في سورة الحج ، وقد يقال صفن لمجرد الوقوف ، والمصدر صفونا قال الشاعر : من سره أن تتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار
ألف الصفون فما يزال كأنه مما يقوم على الثلاث كسيرا
[ ص: 56 ] المسألة الثانية الجياد هي الخيل ، وكل شيء ليس برديء يقال له جيد ، ودابة جيدة وجياد مثل سوط وسياط ; عرضت الخيل على سليمان عليه السلام فشغلته عن صلاة العشي بظاهر القولين ; قال المفسرون : هي العصر . وقد روى المفسرون حديثا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { سليمان } ، وهو حديث موضوع . وقيل : كانت ألف فرس ورثها من صلاة الوسطى صلاة العصر ، وهي التي فاتت داود عليه السلام كان أصابها من العمالقة ، وكان له ميدان مستدير يسابق بينها فيه ، فنظر فيها حتى غابت الشمس خلف الحجاب ، وهو ما كان يحجب بينه وبينها لا غير مما يدعيه المفسرون ، وقيل أراد وهي : المسألة الرابعة حتى توارت بالحجاب ، وغابت عن عينيه في المسابقة ; لأن الشمس لم يجر لها ذكر ; وهذا فاسد بل قد تقدم عليها دليل ، وهو قوله : ( بالعشي ) ، كما تقول : سرت بعد العصر حتى غابت يعني الشمس ، وتركها لدلالة السامع لها عليها بما ذكر مما يرتبط بها ، وتعلق بذكرها ; والغداة والعشي أمر مرتبط بمسير الشمس ، فذكره ذكر لها ، وقد بين ذلك لبيد بقوله :حتى إذا ألقت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها
والثاني : أنه مسح أعناقها وسوقها بالسيوف عرقبة ، وهي رواية عن ابن وهب ، وكان فعله هذا بها حين كان سببا لاشتغاله بها عن الصلاة . مالك
فإن قيل : كيف قتلها ، وهي خيل الجهاد ؟ [ ص: 57 ] قلنا : رأى أن يذبحها للأكل .
وفي الصحيح عن أنه قال : { جابر } . أكلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا
فكان ذلك لئلا تشغله مرة أخرى .
وقد روي عن أنه قال : من ترك شيئا لله عوضه الله أمثاله ; ألا ترى إلى إبراهيم بن أدهم سليمان كيف أتلف الخيل في مرضاة الله فعوضه الله منها الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ، غدوها شهر ورواحها شهر .
ومن المفسرين من وهم فقال : وسمها بالكي ، وسبلها في سبيل الله ، وليست السوق محلا للوسم بحال .