المسألة الرابعة إذا قلنا إنها نزلت في فهو صحيح ; لأن كل عبادة مؤقتة بميقات لا يجوز تقديمها عليه ، كالصلاة والصوم والحج ، وذلك بين ، إلا أن العلماء اختلفوا في الزكاة لما كانت عبادة مالية ، وكانت مطلوبة لمعنى مفهوم ; وهو سد خلة الفقير ، { تقديم الطاعات على أوقاتها صدقة عامين العباس } ، ولما جاء من جمع صدقة الفطر قبل يوم الفطر حتى تعطى لمستحقها يوم الوجوب ، وهو يوم الفطر ; فاقتضى ذلك كله جواز تقديمها . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استعجل من
وقال أبو حنيفة : يجوز تقديمها لعام ولاثنين . والشافعي
فإن جاء رأس العام والنصاب بحاله وقعت موقعها ، وإن جاء رأس الحول وقد تغير النصاب تبين أنها صدقة تطوع .
وقال : لا يجوز تقديمها على الحول لحظة ، كالصلاة ، وكأنه طرد الأصل في العبادات ، فرأى أنها إحدى دعائم الإسلام ، فوفاها حقها في النظام وحسن الترتيب . أشهب
ورأى سائر علمائنا أن التقديم فيها جائز ; لأنه معفو عنه في الشرع ، بخلاف الكثير .
وما قاله أصح ، فإن مفارقة اليسير الكثير في أصول الشريعة صحيح ، ولكنه لمعان تختص باليسير دون الكثير ، فأما في مسألتنا فاليوم فيه كالشهر والشهر كالسنة ، فإما تقديم كلي كما قال أشهب أبو حنيفة ، وإما حفظ العبادة وقصرها على ميقاتها كما قال والشافعي وغيره ، وذلك يقوى في النظر . والله أعلم . أشهب