الآية السادسة قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم } .
فيها مسألتان : المسألة الأولى في . وقد قال علماؤنا : إن حقيقة الظن تجويز أمرين في النفس لأحدهما ترجيح على الآخر . والشك عبارة عن استوائهما . والعلم هو حذف أحدهما وتعيين الآخر . وقد حققناه في كتب الأصول . المسألة الثانية أنكرت جماعة من المبتدعة حقيقة الظن تحكم في الدين ، ودعوى في العقول ; وليس في ذلك أصل يعول عليه ; فإن الباري تعالى لم يذم جميعه ، وإنما ورد الذم كما قررناه آنفا في بعضه . تعبد الله تعالى بالظن ، وجواز العمل به
ومتعلقهم في ذلك حديث قال النبي صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } . إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ولا تحسسوا ولا تجسسوا ، ولا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانا
وهذا لا حجة فيه ; لأن الظن في الشريعة قسمان : محمود ، ومذموم ; فالمحمود بدلالة قوله : { إن بعض الظن إثم } ، وقوله : { لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا } . { } . وعبادات الشرع وأحكامه ظنية في الأكثر حسبما بيناه في أصول الفقه ، وهي مسألة تفرق بين الغبي والفطن . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان أحدكم مادحا أخاه لا محالة فليقل أحسبه كذا ، ولا أزكي على الله أحدا