المسألة الثالثة قوله تعالى   { ولكن الله يسلط رسله على من يشاء    }    : المعنى أن هذه الأموال وإن كانت فيئا فإن الله تعالى خصها لرسوله ; لأن رجوعها كان برعب ألقي في قلوبهم ، دون عمل من الناس ، فإنهم لم يتكلفوا سفرا ، ولا تجشموا رحلة ، ولا صاروا عن حالة إلى غيرها ، ولا أنفقوا مالا ، فأعلم الله أن ذلك موجب لاختصاص رسوله بذلك الفيء ، وأفاد البيان بأن ذلك العمل اليسير من الناس في محاصرتهم لغو لا يقع الاعتداد به في استحقاق سهم ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصا بها . 
روى ابن شهاب  عن  مالك بن أوس بن الحدثان النصري    { أن  عليا  والعباس  لما طلبا  عمر  بما كان في يد النبي صلى الله عليه وسلم من المال ، وذلك بحضرة عثمان  ،  وعبد الرحمن بن عوف  ،  والزبير  ،  وسعد  ، قال لهم  عمر    : أحدثكم عن هذا الأمر أن الله قد خص رسوله صلى الله عليه وسلم من هذا الفيء بسهم لم يعطه أحدا غيره ، وقرأ : { وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير    } فكانت هذه خالصة لرسوله صلى الله عليه وسلم وإن الله اختارها ، والله ما احتازها  [ ص: 179 ] دونكم ولا استأثر بها عليكم . وذكر باقي الحديث ; فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبثها ، وإن كان الله خصه بها   } . 
وقد روي أنه أعطاها المهاجرين  خاصة ، ومن الأنصار  لأبي دجانة سماك بن خرشة  ،  وسهل بن حنيف    [ والحارث بن الصمة    ] لحاجة كانت بهم ، وفي آثار كثيرة بيناها في شرح الصحيحين . 
المسألة الرابعة تمام الكلام : فلا حق لكم فيه ولا حجة لكم عليه ، وحذفت اختصارا لدلالة الكلام عليه . 
				
						
						
