المسألة الخامسة إذا قلنا : إنه لا يكون به كافرا [ فاختلف الناس ] فقال فهل يقتل به حدا أم لا ؟ ، مالك وابن القاسم ، : يجتهد فيه الإمام . وقال وأشهب عبد الملك : إذا كانت تلك عادته قتل لأنه جاسوس . وقد قال : يقتل الجاسوس ، وهو صحيح لإضراره بالمسلمين وسعيه بالفساد في الأرض . مالك
فإن قيل وهي : المسألة السادسة هل يقتل كما قال من غير تفصيل ، ولم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلا بأنه من أهل عمر بدر ; وهذا يقتضي أن يمنع منه وحده ، ويبقى قتل غيره حكما شرعيا ، فهم به بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليه السلام إلا بالعلة التي خصصها عمر . بحاطب
قلنا : إنما قال : إنه يقتل لعلة أنه منافق ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بمنافق فإنما يوجب عمر قتل من نافق ، ونحن لا نتحقق نفاق فاعل مثل هذا ، لاحتمال أن يكون نافق ، واحتمال أن يكون قصد بذلك منفعة نفسه مع بقاء إيمانه . والدليل على صحة ذلك ما روي في القصة { عمر ; أنت كتبت الكتاب ؟ قال : نعم ، فأقر به ولم ينكر ، وبين العذر فلم يكذب حاطب } ، وصار ذلك كما لو أقر رجل بالطلاق ابتداء ، وقال : أردت به كذا وكذا للنية البعيدة الصدق ، ولو قامت عليه البينة وادعى فيه النية البعيدة لم يقبل . [ ص: 192 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يا
وقد روي أن سيد ابن الجارود ربيعة أخذ درباسا وقد بلغه أنه يخاطب المشركين بعورات المسلمين ، وهم بالخروج إليهم ، فصلبه فصاح يا عمراه ثلاث مرات فأرسل إليه ، فلما جاء أخذ الحربة فعلا بها لحيته ، وقال : لبيك يا عمر درباس ثلاث مرات فقال : لا تعجل ; إنه كاتب العدو ، وهم بالخروج إليهم ، فقال : قتلته على الهم ، وأينا لا يهم .
فلم يره موجبا للقتل ، ولكنه أنفذ اجتهاد عمر فيه ، لما رأى من خروج ابن الجارود عن هذا الطريق كله . ولعل حاطب إنما أخذ بالتكرار في هذا ; لأن ابن الجارود أخذ في أول فعله . حاطبا