[ ص: 52 ] المسألة العاشرة : قوله تعالى : { فاغسلوا } : الفاء حرف يقتضي الربط والسبب وهو بمعنى التعقيب ، وقد بينا ذلك في رسالة الملجئة ، وهي هاهنا جواب للشرط ربطت المشروط به وجعلته جوابه أو جزاءه ، ولا خلاف فيه ; بيد أن ومن قال بقوله من علمائنا في وجوب الشافعي قال : إن في هذا دليلا على وجوب الترتيب في الوضوء ; إذ هو جزاء الشرط وجوابه . البداءة بالوجه
وقال الآخرون الذين لا يرون ترتيب الوضوء : إن هذا القول صحيح فيما إذا كان جواب الشرط معنى واحدا ; فأما إذا كانت جمل كلها جوابا وجزاء لم نبال بأيهما بدأت ; إذ المطلوب تحصيلها . وهذا قول له رونق وليس بمحقق قال الله سبحانه وتعالى : { فاغسلوا وجوهكم } ; فبدأ بالوجه وعطف عليه غيره ، فالنظر الصحيح في ذلك أن يقال : تجب البداءة بما بدأ الله به وهو الوجه ، كما { الصفا : نبدأ بما بدأ الله به } ، وكانت البداءة قال النبي صلى الله عليه وسلم حين حج وجاء إلى بالصفا واجبة . ويعضد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ عمره كله مرتبا ترتيب القرآن ، وفعله هذا بيان مجمل كتاب الله تعالى ، وبيان المجمل الواجب واجب ، وهي مسألة خلاف عظمى قد بيناها في مسائل الخلاف ، وهذا هو الذي يختار فيها .