الآية الموفية عشرين قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } . فيها أربع مسائل : [ ص: 143 ]
المسألة الأولى : في : فيه ثلاثة أقوال : الأول : أن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم سبب نزولها ، علي والمقداد ، ، وعبد الله بن عمر ، وعثمان بن مظعون ، وابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ، جلسوا في البيوت ، وأرادوا أن يفعلوا كفعل النصارى من تحريم طيبات الطعام واللباس واعتزال النساء ، وهم بعضهم أن يجب نفسه ، وأن كان ممن حرم النساء والزينة على نفسه ، وأرادوا أن يترهبوا ، ولا يأكلوا لحما ولا ودكا ; وقالوا : نقطع مذاكيرنا ، ونسيح في الأرض ، كما فعل الرهبان . فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عنه ، وأعلمهم أنه ينكح النساء ، ويأكل من الأطعمة ، وينام ويقوم ، ويفطر ويصوم ، وأنه من رغب عن سنتي فليس مني ، وقال لهم : { عثمان بن مظعون } . وإن هذه الآية نزلت فيهم ، روي ذلك عن إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد ، فشددوا على أنفسهم ، فشدد الله عليهم . أولئك بقاياهم في الديار والصوامع ، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وصوموا رمضان ، وحجوا واعتمروا ، واستقيموا يستقم لكم وغيره . ابن عباس
الثاني : روي { أن ضافه ضيف ، فانقلب عبد الله بن رواحة ابن رواحة ولم يتعش . فقال لزوجته : ما عشيتيه ؟ فقالت : كان الطعام قليلا ، فانتظرتك أن تأتي . قال : حرمت ضيفي من أجلي ، فطعامك علي حرام إن ذقته . فقالت هي : وهو علي حرام إن لم تذقه . وقال الضيف : هو علي حرام إن ذقته إن لم تذوقوه . فلما رأى ذلك ابن رواحة قال : قربي طعامك ، كلوا بسم الله ، وغدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره . فقال صلى الله عليه وسلم : أحسنت . ونزلت الآية : فكلوا مما رزقكم الله . } قال في حديثه : { ابن عباس فقالوا : يا رسول الله ، كيف نصنع بأيماننا ، فنزلت : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } } . [ ص: 144 ]
الثالث : روى الترمذي عن { ابن عباس يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم } إلى { مؤمنين } } . قال أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله ; إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوة ، فحرمت علي اللحم ، فنزلت : { الترمذي : صحيحة الإرسال .