المسألة السادسة : [ صيد الذمي ] :
قال : لا يحل مالك بناء على أن الله خاطب المؤمنين المحلين في أول الآية ، فخرج عنهم صيد الذمي أهل الذمة ، لاختصاص المخاطبين بالإيمان ، فيقتضي ذلك اقتصاره عليهم إلا بدليل يقتضي التعميم . وليس هذا من باب دليل الخطاب الذي هو تعليق الحكم بأحد وصفي الشيء ، ليدل على أن الآخر بخلافه ، ولكنه من باب أن أحد الوصفين منطوق به ، مبين حكمه ، والثاني مسكوت عنه ، وليس في معنى ما نطق به .
فإن قيل : إن كان مسكوتا عنه فحمله عليه بدليل قوله تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } . [ ص: 172 ]
قلنا : هذا يدل على جواز أكل طعامهم . والصيد باب آخر ; فلا يدخل في عموم ذكر الطعام ، ولا يتناوله مطلق لفظه .
فإن قيل : نقيسه عليه فإنه نوع ذكاة ، فجاز من الذمي كذبح الإنسي . قلنا : للمقدور عليه مما يذكى شروط ، ولما لا يقدر عليه شروط أخر ; ولكل واحد منهما موضوع وضع عليه ، ومنصب جعل عليه ، ولا يجوز الإلحاق فيما اختلف موضوعه في الأصل ; وهذا فن من أصول الفقه بيناه في موضعه .