[ ص: 47 ] القول في تأويل قوله تعالى ( ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ( 97 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : ومن جحد ما ألزمه الله من فرض حج بيته ، فأنكره وكفر به ، فإن الله غني عنه وعن حجه وعمله ، وعن سائر خلقه من الجن والإنس ، كما :
7500 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن الحجاج بن أرطاة ، عن محمد بن أبي المجالد قال : سمعت مقسما ، عن ابن عباس في قوله : " ومن كفر " ، قال : من زعم أنه ليس بفرض عليه .
7501 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا الحجاج ، عن عطاء وجويبر ، عن الضحاك في قوله : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، قالا : من جحد الحج وكفر به .
7502 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا هشيم ، عن الحجاج بن أرطاة ، عن عطاء قال : من جحد به .
7503 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا عمران القطان ، يقول : من زعم أن الحج ليس عليه .
7504 - حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا أبو بكر ، عن عباد ، عن الحسن في قوله : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، قال : من أنكره ، ولا يرى أن ذلك عليه حقا ، فذلك كفر .
7505 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ومن كفر " ، قال : من كفر بالحج . [ ص: 48 ]
7506 - حدثنا عبد الحميد بن بيان قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف ، عن أبي بشر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، قال : من كفر بالحج ، كفر بالله .
7507 - حدثني المثنى قال : حدثنا يعلى بن أسد قال : حدثنا خالد ، عن عن هشام بن حسان ، الحسن في قول الله عز وجل : " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر " ، قال : من لم يره عليه واجبا .
7508 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ومن كفر " ، قال : بالحج .
وقال آخرون : معنى ذلك : "أن لا يكون معتقدا في حجه أن له الأجر عليه ، ولا أن عليه بتركه إثما ولا عقوبة " .
ذكر من قال ذلك :
7509 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا قال : أخبرنا ابن علية قال : حدثني ابن جريج عبد الله بن مسلم ، عن مجاهد في قوله : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، قال : هو ما إن حج لم يره برا ، وإن قعد لم يره مأثما .
7510 - حدثنا عبد الحميد بن بيان قال : أخبرنا إسحاق بن يوسف ، عن عن ابن جريج ، مجاهد قال : هو ما إن حج لم يره برا ، وإن قعد لم يره مأثما .
7511 - حدثني أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا فطر ، عن أبي داود نفيع قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " [ ص: 49 ] فقام رجل من هذيل ، فقال : يا رسول الله ، من تركه كفر ؟ قال : من تركه ولا يخاف عقوبته ، ومن حج ولا يرجو ثوابه ، فهو ذاك .
7512 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، يقول : من كفر بالحج ، فلم ير حجه برا ، ولا تركه مأثما .
وقال آخرون : معنى ذلك : ومن كفر بالله واليوم الآخر .
ذكر من قال ذلك :
7513 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد قال : سألته عن قوله : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، ما هذا الكفر ؟ قال : من كفر بالله واليوم الآخر .
7514 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله : " ومن كفر " ، قال : من كفر بالله واليوم الآخر .
7515 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا يزيد قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك في قوله : " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " ، قال : لما نزلت آية الحج ، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الأديان كلهم فقال : يا أيها الناس ، إن الله عز وجل كتب عليكم الحج فحجوا ، فآمنت به ملة [ ص: 50 ] واحدة ، وهي من صدق النبي صلى الله عليه وسلم ، وآمن به ، وكفرت به خمس ملل ، قالوا : لا نؤمن به ، ولا نصلي إليه ، ولا نستقبله . فأنزل الله عز وجل : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " .
7516 - حدثني أحمد بن حازم قال : أخبرنا أبو نعيم قال : حدثنا أبو هانئ قال : سئل عامر عن قوله : " ومن كفر " ، قال : من كفر من الخلق ، فإن الله غني عنه .
7517 - حدثني محمد بن سنان قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا سفيان ، عن إبراهيم ، عن عن محمد بن عباد ، ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قول الله : " ومن كفر " ، قال : من كفر بالله واليوم الآخر .
7518 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن في قول الله عز وجل : ( عكرمة مولى ابن عباس ومن يبتغ غير الإسلام دينا ) [ سورة آل عمران : 85 ] ، فقالت الملل : نحن مسلمون! فأنزل الله عز وجل : " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، فحج المؤمنون ، وقعد الكفار .
وقال آخرون : معنى ذلك : ومن كفر بهذه الآيات التي في مقام إبراهيم .
ذكر من قال ذلك :
7519 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، فقرأ : " إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا " ، فقرأ حتى بلغ : " من استطاع إليه سبيلا ومن كفر " ، قال : من كفر بهذه الآيات " فإن الله غني عن العالمين " ، ليس كما يقولون : "إذا [ ص: 51 ] لم يحج وكان غنيا وكانت له قوة " ، فقد كفر بها . وقال قوم من المشركين : فإنا نكفر بها ولا نفعل! فقال الله عز وجل : " فإن الله غني عن العالمين " .
وقال آخرون بما : -
7520 - حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم قال : أخبرنا أبو عمر الضرير قال : حدثنا حماد ، عن حبيب بن أبي بقية ، عن عطاء بن أبي رباح ، في قوله : " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ، قال : من كفر بالبيت .
وقال آخرون : كفره به : تركه إياه حتى يموت .
ذكر من قال ذلك :
7521 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثني أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن : أما " السدي من كفر " ، فمن وجد ما يحج به ثم لا يحج ، فهو كافر .
قال أبو جعفر : وأولى التأويلات بالصواب في ذلك قول من قال : "معنى " ومن كفر " ، ومن جحد فرض ذلك وأنكر وجوبه ، فإن الله غني عنه وعن حجه وعن العالمين جميعا " .
وإنما قلنا ذلك أولى به ، لأن قوله : " ومن كفر " بعقب قوله : " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " ، بأن يكون خبرا عن الكافر بالحج ، أحق منه بأن يكون خبرا عن غيره ، مع أن الكافر بفرض الحج على من فرضه [ ص: 52 ] الله عليه ، بالله كافر وأن "الكفر " أصله الجحود ، ومن كان له جاحدا ولفرضه منكرا ، فلا شك إن حج لم يرج بحجه برا ، وإن تركه فلم يحج لم يره مأثما . فهذه التأويلات ، وإن اختلفت العبارات بها ، فمتقاربات المعاني .