القول في تأويل قوله تعالى : ( الأسماء كلها )
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في فقال الأسماء التي علمها آدم ثم عرضها على الملائكة ، ابن عباس ما :
646 - حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : علم الله آدم الأسماء كلها ، وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس : إنسان ودابة ، وأرض وسهل وبحر وجبل وحمار ، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها . . [ ص: 483 ]
647 - وحدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثني عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال : علمه اسم كل شيء .
648 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال : علمه اسم كل شيء .
649 - وحدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا مسلم الجرمي ، عن محمد بن مصعب ، عن قيس بن الربيع ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قال : علمه اسم الغراب والحمامة واسم كل شيء .
650 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شريك ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، قال : علمه اسم كل شيء ، حتى البعير والبقرة والشاة .
651 - وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن شريك ، عن عاصم بن كليب ، عن سعيد بن معبد ، عن ابن عباس ، قال : علمه اسم القصعة والفسوة والفسية .
652 - وحدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا شريك ، [ ص: 484 ] عن عاصم بن كليب ، عن الحسن بن سعد ، عن ابن عباس : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال : حتى الفسوة والفسية .
653 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا مسلم ، قال : حدثنا محمد بن مصعب ، عن قيس ، عن عاصم بن كليب ، عن سعيد بن معبد ، عن ابن عباس في قول الله : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال : علمه اسم كل شيء حتى الهنة والهنية والفسوة والضرطة .
654 - وحدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا علي بن مسهر ، عن عاصم بن كليب ، قال : قال ابن عباس : علمه القصعة من القصيعة ، والفسوة من الفسية .
655 - وحدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا ، عن يزيد بن زريع سعيد ، عن قتادة قوله : " وعلم آدم الأسماء كلها " حتى بلغ : " إنك أنت العليم الحكيم " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم " فأنبأ كل صنف من الخلق باسمه ، وألجأه إلى جنسه .
656 - وحدثنا الحسن بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا معمر ، عن قتادة في قوله : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال : علمه اسم كل شيء ، هذا جبل ، وهذا بحر ، وهذا كذا وهذا كذا ، لكل شيء ، ثم عرض تلك الأشياء على الملائكة فقال : أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين .
657 - وحدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن جرير بن حازم - ومبارك ، عن الحسن - وأبي بكر عن الحسن وقتادة ، [ ص: 485 ] قالا علمه اسم كل شيء : هذه الخيل ، وهذه البغال والإبل والجن والوحش ، وجعل يسمي كل شيء باسمه .
658 - وحدثت عن عمار ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قال : اسم كل شيء .
وقال آخرون : علم آدم الأسماء كلها ، أسماء الملائكة .
ذكر من قال ذلك :
659 - حدثت عن عمار ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع قوله : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال : أسماء الملائكة .
وقال آخرون : إنما علمه أسماء ذريته كلها .
ذكر من قال ذلك :
660 - حدثني محمد بن جرير ، قال : حدثني قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ، ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : " وعلم آدم الأسماء كلها " قال : أسماء ذريته أجمعين .
وأولى هذه الأقوال بالصواب ، وأشبهها بما دل على صحته ظاهر التلاوة ، قول من قال في قوله : " وعلم آدم الأسماء كلها " إنها أسماء ذريته وأسماء الملائكة ، دون أسماء سائر أجناس الخلق . وذلك أن الله جل ثناؤه قال : " ثم عرضهم على الملائكة " يعني بذلك أعيان المسمين بالأسماء التي علمها آدم . ولا تكاد العرب تكني بالهاء والميم إلا عن أسماء بني آدم والملائكة . وأما إذا كانت عن أسماء البهائم وسائر الخلق سوى من وصفناها ، فإنها تكني عنها بالهاء والألف أو بالهاء والنون ، فقالت : " عرضهن " أو " عرضها " وكذلك تفعل إذا كنت عن أصناف [ ص: 486 ] من الخلق كالبهائم والطير وسائر أصناف الأمم وفيها أسماء بني آدم والملائكة ، فإنها تكني عنها بما وصفنا من الهاء والنون أو الهاء والألف . وربما كنت عنها ، إذا كان كذلك بالهاء والميم ، كما قال جل ثناؤه : ( والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ) [ سورة النور : 45 ] ، فكنى عنها بالهاء والميم ، وهي أصناف مختلفة فيها الآدمي وغيره . وذلك ، وإن كان جائزا ، فإن الغالب المستفيض في كلام العرب ما وصفنا ، من إخراجهم كناية أسماء أجناس الأمم - إذا اختلطت - بالهاء والألف أو الهاء والنون . فلذلك قلت : أولى بتأويل الآية أن تكون الأسماء التي علمها آدم أسماء أعيان بني آدم وأسماء الملائكة ، وإن كان ما قال ابن عباس جائزا على مثال ما جاء في كتاب الله من قوله : " والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه " الآية . وقد ذكر أنها في حرف ابن مسعود : " ثم عرضهن " وأنها في حرف أبي : " ثم عرضها "
ولعل ابن عباس تأول ما تأول من قوله : علمه اسم كل شيء حتى الفسوة والفسية ، على قراءة أبي ، فإنه فيما بلغنا كان يقرأ قراءة أبي . وتأويل ابن عباس - على ما حكي عن أبي من قراءته - غير مستنكر ، بل هو صحيح مستفيض في كلام العرب ، على نحو ما تقدم وصفي ذلك .