[ ص: 125 ] القول في تأويل قوله عز ذكره ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم )
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، لا تعجبن من هؤلاء اليهود الذين هموا أن يبسطوا أيديهم إليك وإلى أصحابك ، ونكثوا العهد الذي بينك وبينهم ، غدرا منهم بك وبأصحابك ، فإن ذلك من عاداتهم وعادات سلفهم ، ومن ذلك أني أخذت ميثاق سلفهم على عهد موسى صلى الله عليه وسلم على طاعتي ، وبعثت منهم اثني عشر نقيبا وقد تخيروا من جميعهم ليتحسسوا أخبار الجبابرة ، ووعدتهم النصر عليهم ، وأن أورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم ، بعد ما أريتهم من العبر ، والآيات - بإهلاك فرعون وقومه في البحر ، وفلق البحر لهم ، وسائر العبر - ما أريتهم ، فنقضوا ميثاقهم الذي واثقوني ونكثوا عهدي ، فلعنتهم بنقضهم ميثاقهم . فإذ كان ذلك من فعل خيارهم مع أيادي عندهم ، فلا تستنكروا مثله من فعل أراذلهم .
وفى الكلام محذوف اكتفي بدلالة الظاهر عليه ، وذلك أن معنى الكلام : "فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل" - فنقضوا الميثاق ، فلعنتهم "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم" فاكتفي بقوله : "فبما نقضهم ميثاقهم" من ذكر "فنقضوا" .
ويعني بقوله جل ثناؤه : "فبما نقضهم ميثاقهم" ، فبنقضهم ميثاقهم ، كما قال قتادة .
11584 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : [ ص: 126 ] "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم" يقول : فبنقضهم ميثاقهم لعناهم .
11585 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ابن عباس : "فبما نقضهم ميثاقهم" قال : هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه .
وقد ذكرنا معنى "اللعن" في غير هذا الموضع .
و"الهاء والميم" من قوله : "فبما نقضهم" عائدتان على ذكر بني إسرائيل قبل .