القول في تأويل قوله عز ذكره ( يحرفون الكلم عن مواضعه )
قال أبو جعفر : يقول عز ذكره : وجعلنا قلوب هؤلاء الذين نقضوا عهودنا من بني إسرائيل قسية ، منزوعا منها الخير ، مرفوعا منها التوفيق ، فلا يؤمنون ولا يهتدون ، فهم لنزع الله عز وجل التوفيق من قلوبهم والإيمان ، يحرفون كلام [ ص: 129 ] ربهم الذي أنزله على نبيهم موسى صلى الله عليه وسلم ، وهو التوراة ، فيبدلونه ، ويكتبون بأيديهم غير الذي أنزله الله جل وعز على نبيهم ، ثم يقولون لجهال الناس : "هذا هو كلام الله الذي أنزله على نبيه موسى صلى الله عليه وسلم ، والتوراة التي أوحاها إليه" . وهذا من صفة القرون التي كانت بعد موسى من اليهود ، ممن أدرك بعضهم عصر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله عز ذكره أدخلهم في عداد الذين ابتدأ الخبر عنهم ممن أدرك موسى منهم ، إذ كانوا من أبنائهم وعلى منهاجهم في الكذب على الله ، والفرية عليه ، ونقض المواثيق التي أخذها عليهم في التوراة ، كما : -
11586 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : "يحرفون الكلم عن مواضعه" يعني حدود الله في التوراة ، ويقولون : إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه ، وإن خالفكم فاحذروا .