القول في تأويل قوله عز ذكره ( فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون    ( 48 ) ) 
قال أبو جعفر   : يقول تعالى ذكره : فبادروا أيها الناس ، إلى الصالحات من الأعمال ، والقرب إلى ربكم ، بإدمان العمل بما في كتابكم الذي أنزله إلى  [ ص: 391 ] نبيكم ، فإنه إنما أنزله امتحانا لكم وابتلاء ، ليتبين المحسن منكم من المسيء ، فيجازي جميعكم على عمله جزاءه عند مصيركم إليه ، فإن إليه مصيركم جميعا ، فيخبر كل فريق منكم بما كان يخالف فيه الفرق الأخرى ، فيفصل بينهم بفصل القضاء ، وتبين المحق مجازاته إياه بجناته ، من المسيء بعقابه إياه بالنار ، فيتبين حينئذ كل حزب عيانا ، المحق منهم من المبطل . 
فإن قال قائل : أولم ينبئنا ربنا في الدنيا قبل مرجعنا إليه ما نحن فيه مختلفون؟ 
قيل : إنه بين ذلك في الدنيا بالرسل والأدلة والحجج ، دون الثواب والعقاب عيانا ، فمصدق بذلك ومكذب . وأما عند المرجع إليه ، فإنه ينبئهم بذلك بالمجازاة التي لا يشكون معها في معرفة المحق والمبطل ، ولا يقدرون على إدخال اللبس معها على أنفسهم . فكذلك خبره تعالى ذكره أنه ينبئنا عند المرجع إليه بما كنا فيه نختلف في الدنيا . وإنما معنى ذلك : إلى الله مرجعكم جميعا ، فتعرفون المحق حينئذ من المبطل منكم ، كما : - 
12149 - حدثنا ابن وكيع  قال ، حدثنا  زيد بن حباب ،  عن أبي سنان  قال : سمعت الضحاك  يقول : " فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا   " ، قال : أمة محمد  صلى الله عليه وسلم ، البر والفاجر  . 
 [ ص: 392 ] 
				
						
						
