القول في تأويل قوله تعالى ( قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ( 109 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وحلف بالله هؤلاء العادلون بالله جهد حلفهم ، وذلك أوكد ما قدروا عليه من الأيمان وأصعبها وأشدها ( لئن جاءتهم [ ص: 38 ] آية ) ، يقول : قالوا : نقسم بالله لئن جاءتنا آية تصدق ما تقول ، يا محمد ، مثل الذي جاء من قبلنا من الأمم ( ليؤمنن بها ) ، يقول : قالوا : لنصدقن بمجيئها بك ، وأنك لله رسول مرسل ، وأن ما جئتنا به حق من عند الله .
وقيل : " ليؤمنن بها " ، فأخرج الخبر عن " الآية " ، والمعنى لمجيء الآية .
يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل إنما الآيات عند الله ) ، وهو القادر على إتيانكم بها دون كل أحد من خلقه ( وما يشعركم ) ، يقول : وما يدريكم ( أنها إذا جاءت لا يؤمنون ) ؟
وذكر أن الذين سألوه الآية من قومه ، هم الذين آيس الله نبيه من إيمانهم من مشركي قومه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
13744 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : ( لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ) ، إلى قوله : ( يجهلون ) ، سألت قريش محمدا أن يأتيهم بآية ، واستحلفهم : ليؤمنن بها .
13745 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح : لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ) ، ثم ذكر مثله . (
13746 - حدثنا هناد قال : حدثنا قال : حدثنا يونس بن بكير أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي قريشا ، فقالوا : [ ص: 39 ] يا محمد ، تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى ، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة ، فأتنا بشيء من الآيات حتى نصدقك ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أي شيء تحبون أن آتيكم به ؟ قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا . فقال لهم : فإن فعلت تصدقوني ؟ قالوا : نعم والله ، لئن فعلت لنتبعنك أجمعين ! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فجاءه جبريل عليه السلام فقال له : لك ما شئت ، إن شئت أصبح ذهبا ، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك لنعذبنهم ، وإن شئت فأندحهم حتى يتوب تائبهم . فقال : بل يتوب تائبهم . فأنزل الله تعالى : ( وأقسموا بالله ) إلى قوله : ( يجهلون ) . قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم