[ ص: 64 ] القول في تأويل قوله تعالى ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ( 116 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا تطع هؤلاء العادلين بالله الأنداد ، يا محمد ، فيما دعوك إليه من أكل ما ذبحوا لآلهتهم ، وأهلوا به لغير ربهم ، وأشكالهم من أهل الزيغ والضلال ، فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن دين الله ، ومحجة الحق والصواب ، فيصدوك عن ذلك .
وإنما قال الله لنبيه : ( وإن تطع أكثر من في الأرض ) ، من بني آدم ؛ لأنهم كانوا حينئذ كفارا ضلالا فقال له جل ثناؤه : لا تطعهم فيما دعوك إليه ، فإنك إن تطعهم ضللت ضلالهم ، وكنت مثلهم ؛ لأنهم لا يدعونك إلى الهدى وقد أخطئوه . ثم أخبر جل ثناؤه عن حال الذين نهى نبيه عن طاعتهم فيما دعوه إليه في أنفسهم ، فقال : ( إن يتبعون إلا الظن ) ، فأخبر جل ثناؤه أنهم من أمرهم على ظن عند أنفسهم ، وحسبان على صحة عزم عليه ، وإن [ ص: 65 ] كان خطأ في الحقيقة ( وإن هم إلا يخرصون ) ، يقول : ما هم إلا متخرصون ، يظنون ويوقعون حزرا ، لا يقين علم .
يقال منه : " خرص يخرص خرصا وخروصا " ،
أي كذب ، و " تخرص بظن " ، و " تخرص بكذب " ، و " خرصت النخل أخرصه " ، و " خرصت إبلك " ، أصابها البرد والجوع .